أُسْطورَةُ النّسْر

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

أُسْطورَةُ النّسْر - محمد الزهراوي

أُسْطورَةُ النّسْر..
 
إلى..
(أسرْدون)
بَلْدَتي
 
 
غَريبَةٌ
أوْ غَريقَةُ
في لَيْل.
كَأنّها
مُسْتَحيلَةٌ..
مَمْحُوّةٌ
مِنَ الْخَرائِطِ
مِنْ كُتُبِ
الجغْرافيا أوْ
لا تَقَعُ
في جِهَةٍ.
هِيَ خيْمَتي
وَأسْطُحُها
مِنْ طينٍ..
أوْ لَعَلّها عَلى
الصُّورَةِ الّتي
سَأصيرُها
يَوْماً.
وَحَتّى لا يَمْحوها
مِنّي الزّمانُ..
حفَرْتُها
في الرّوحِ.
لَيْتَني
فيها راعي غَنَمٍ
أنْفُخُ
لَها النّايَ.
أحْرُسُها
مِنَ الدُّخّانِ
كَأبي الْهَوْلِ
وَأُحيطُها
داخِلَ الْقلْبِ
بِالسّورِ.
أرى أنِّيَ
أكادُ أنْ أصِلَ
مَشارِفَها.
واخَوْفي..
مِنْ أنْ لا أصِلَ
وَخَوْفاً..
مِنْ أنْ أصِلَ.
تُحِسُّ دَبيبي
وَأُحِسُّ اقْتِرابَها
مِنّي يَسْري في
جَسَدي كالْحُمّى.
أنا قَريبٌ
مِنْ نَجْمَتي
منْروعَةَ الثِّيابِ.
قَريبٌ..
أكادُ ألْمسُ
الزّعْتَرَ الطّالْعَ
عَلى الْمَرْمرِ.
وقَريبٌ..
مِنَ الزّعْفَرانةِ.
أنا الْماءُ مُهَجّراً
وَهِيَ الْهَواءُ
الّذي فيها
يَجْري تَغْريبُهُ.
تِلْكَ هِيَ في الْبَرْدِ
تَموتُ بَيْنَ
رُكْبَتيْها الْفَراشاتُ
وَتَنْتَحِرُ الْيَعاسيبُ.
إنّا نَتَنادى
وَكِلانا غَريب..
أنا فِي الشّتاتِ
أعْبُرُ الْهُدْسونَ
أقْطَعُ..
جُسورَ الرّايْنِ
أوْ ما
بيْنَهُما في
الطّائِراتِ وَهِيَ
في الْمَجْهولِ.
إذْ ترَكْتُها
مَدْفوعاً في أحْشاءِ
هذا الْوَقْتِ كَانّي
أُمْسِكُ بِعَصا موسى
أوْ مسْكوناً..
بالْقِطاراتِ والطُّرُقِ.
هَكذا يُلْقى بِنا
كَما في الْبَحْرِ..
بِأرْضٍ نَجْهَلُها دَوْماً.
أسَرْدونُ لا
أحَدَ داخِلَ
الْقَلْبِ غَيْرُها..
نَهْداها..
نَصٌّ تَرَبّيْتُ عَلَيْهِ.
عَلَيْها أُغْلِقُ
عَيْنَيَّ كَخارِجٍ غارِقاً
مَعَها في الْكُتُبِ..
وهِيَ في حُقولِ
الْقَحْطِ والدُّخّانِ.
تَبْدو حَزينَةً
كَأتانِ سانْشو..
بِوَقْفَتِها الرّيفِيّةِ
وَحِذائِها الْمُهْتَرِئِ.
نَهْداها عَيْنا
غَزالَةٍ كَما
يَقولُ الْمُغَنّي
وَعَلى وَجْهِها
مَلامِحُ الأرْصِفَةِ
في..
مِنْديلِها الْمُخَطَّطِ.
مِنْ مَطْلَعِ
الْعُمْرِ يَصُدُّني
عَنْها الدَّعِيُّ
وَالْمُتآمِرُ وَالطُّرُقُ
وَالْهاتِفُ الْمَقْطوعُ.
هِيَ دولوثيطا..
مَنْزوعَةً مِنْ سِياقِ
الْحَياةِ في مُنْحَنَياتِ
الْجِبالِ وَدون كِشوت
يُصارِعُ في الْفَيافي
طَواحينَ الْهَواءِ.
هِيَ الْقَصيدَةُ تَنامُ
مِلْءَ عَيْنَيّ..
أنا قَتيلٌ بِها
دَمي سُيولٌ..
إذْ هِيَ
الْوَطنُ الْمُرُّ.
حَيْثُما كُنْتُ
لَها في إِهابي
وَمَكْتَبَتي الْجَلَبَةُ.
أراها سِرْبَ طُيور..
كَيْفَ أنْساها؟
ذلِكَ لَنْ يَتِمَّ..
وَإنْ يَحْرَقوا الذّكْرى
وَكُتُبي وَالْمَكْتَبَةَ.
أحْلامُها فِيّ..
بَحْرٌ بِلا ساحِلٍ
في الْمَجْهولِ لا
يُدْرِكُهُ إلاّ الشِّعْرُ..
زَجَّتْ بِيَ فيهِ
وَفي الْعَوالِمِ.
يَبْدو..
أنّها مُتَواطِئَةٌ
وَتَشْكو غِيابِيَ.
آهٍ ياوَطَني..
سَأُوارى التّرابَ
وَفي نَفْسي
مِنْها الْبَقِيّةُ.
 
نيويورك/أمريكا
 
أسردون : قرْية جبَلِية صغيرة
تابعة لِدائِرة مُقْرِسات
عمالة : شفشاون
© 2024 - موقع الشعر