النسر والوجه الآخر - أحمد علي سليمان

عَيبٌ عَلَيكَ أَيا رَجُلْ
فِي الحَقِّ إِنَّكَ لَلْبَطَلْ

أَنْتَ المَضَا ، أَنْتَ المُنَى
وَعَلَيكَ ينْعَقِدُ الأَمَلْ

لَوْلا الخِيانَةُ وَالرِّيا
لَوْلا العَمَالَةُ وَالخَطَلْ

لَوْلا النِّفَاقُ وَأَهْلُهُ
وَعِبَادَةُ الصَّرْعَى هُبَلْ

وَالحِقْدُ فِي قَلْبِ العِدَا
لَوْلا التَّرَدِّي فِي الدَّجَل

وَضَلالُ مَنْ عَبَدَ الهَوَى
مَا ذُلَّ مِثْلُكَ يا رَجُلْ

فِي الحَقِّ كَانَتْ صَوْلَةٌ
إِذْ فِيهِ لا يُجْدِي الخَجَلْ

وَبَذَلْتَ قَلْبَكَ لِلْوَرَى
وَأَبَنْتَ لِلقَوْمِ السُّبُلْ

وَكَذَا سَبِيلُ الله قَدْ
بَينْتَهَا كُنْتَ المَثَلْ

لَمْ تَرْتَزِقْ بِالدِّينِ لا
وَكَذَاكَ يفْعَلُ مَنْ عَقَلْ

وَحَمَلْتَ مِشْعَلَ نَاصِحٍ
وَسِوَاكَ جَاهَرَ بِالعِلَلْ

وَبَدَأْتَ مِنْ حَيثُ الوَرَى
لا مِنْ خَيالِ المُنْفَعِلْ

لَم تَفْتَرِضْ فِيهِم هُدَى
وَكَذَاكَ مَا احْتَلْتَ الحِيلْ

وَرَحِمْتَهُم ، فَنَصَحْتَهُم
بِالذِّكْرِ لا بِسَنَا الزَّجَلْ

إِنَّ البَرِيقَ لَخَادِعٌ
وَإِذَا بَدَا مِثْلَ العَسَلْ

وَالزَّيفُ لَيسَ وَرَاءَهُ
إِلاَّ الضَّياعُ ، وَقَدْ حَصَلْ

خَمْسُوْنَ عَامًا وَالوَرَى
فِي التِّيهِ تَضْرِبُ كَالجُعَلْ

قَدْ عَجَّ بِالقَيحِ الحِمَى
إِنْ فِي السُّهُوْلِ أَوِ الجَبَل

أَوْ فِي البِطَاحِ أَوِ الذُّرَى
أَوْ فِي السُّفُوْحِ أَوِ القُلَلْ

السَّيلُ قَدْ بَلَغَ الزُّبَى
وَالصَّاعُ طَفَّ فمَا العَمَلْ؟

وَالنَّسْرُ فِي أَغْلالِهِ
يدْعُو الإِلَهَ وَيبْتَهِلْ

وَالقَلْبُ فِي أَحْزَانِهِ
يرْجُو الخَلاصَ وَيعْتَمِلْ

والنَّفْسُ فِي ثَوْرَاتِهَا
تَبْكِي الوَفَاءَ وَتَشْتَعِلْ

وَالعَينُ فِي أَنَّاتِهَا
وَالدَّمْعُ مِنْهَا ينْهَمِلْ

وَالرُّوحُ مَلَّتْ وَالنُّهَى
أَوْدَى بِأَحْلامِي المَلَلْ

يا نَسْرُ طَيفٌ مَا لا تَرَى
أَمْ قَدْ دَنَوْتَ مِنَ الأَجَلْ

هَلْ أَنْتَ عَانٍ فِي اللَّظَى؟
إِنْ كَانَ ذَلِكَ فَارْتَحِلْ

وَاصْمُدْ فَأَمْرُكَ هَينٌ
وَعَلَى المُهَيمِنِ فَاتَّكِلْ

مَا كَانَ سَوْفَ يُصِيبُكُمْ
سَيُصِيبُكُمْ ، لا تَنْفَعِلْ

وَصَلاحُ أَمْرِكَ فِي التُّقَى
بَادِر إِلَيهِ عَلَى عَجَلْ

وَاثْبُتْ إِذَا نَزَلَ القَضَا
كَيفَ الجَوَارِحُ تَعْتَزِلْ؟

إِنْ آلَمَتْكَ مُصِيبَةٌ
فِيهَا سَينْتَحِرُ الحَمَلْ

فَدَعِ الأُلى قَدْ نَافَقُوْا
وَالنُّصْحُ دُوْنَكَ ؛ فَامْتَثِلْ

وَجْهُ النِّفَاقِ مُلَوَّنٌ
وَيُجِيدُ أَصْنَافَ المِلَلْ

وَكَذَا الخِيانَةُ وَجْهُهَا
مَنْ يلْقَهُ دَوْمًا يَضِلْ

وَالنَّسْرُ فِي قَلْبِ الفَضَا
أَبَدًا يتُوْقُ إِلَى زُحَلْ

وَيهِيمُ فِي بَدْرِ السَّمَا
وَيصُوْغُ مِنْ شِعْرِ الغَزَلْ

أَمَّا النِّفَاقُ فَبَائِدٌ
يهْوَى الحَضِيضَ كَمَا الجُعَلْ

وَلِكُلِ وَغْدٍ سَاعَةٌ
صُنْ مَاءَ وَجْهِكَ ، وَاحْتَمِلْ

مَاضِيكَ وَلَّى وَانْتَهَى
فِيمَ البُكَاءُ عَلَى طَلَلْ؟

وَالله كَافِيكَ الوَرَى
كُنْ مُسْتَقِيمًا ، وَاعْتَدِلْ

© 2024 - موقع الشعر