نور أم سراب - أحمد فراج العجمي

نور أم سراب
أحمد فراج العجمي

هذا الضياء أتى من الزمن البعي
د مدويا فوق المآذن والقباب

أتراه من عهد الصحابة قادما
عبر القرون دعاه داع فاستجاب

أم وحى بدر حين تخبو نارنا
ونصير شرذمة البرارى والشعاب

ووميض حطين المزلزل نخوة ال
عرب الألى فى كل مهلكة صلاب

أتراه لمع صوارم الفتح الذى
من دونه زيحت متارس ألف باب

أم نور نصر ظل يحبو خافتا
والآن يرتع فى مراتعنا الغصاب

أم بارق لسحابة مرت فأم
طرت العزائم والرجالات الغضاب

أم وجه صبح بعد ظلمة دامس
والآن عن إشراقه انكشف النقاب

هل تلك آمال يلوح بريقها
فى النفس ساطعة وفى النفس ارتياب

هل تلك عزتنا التى وئدت وفى
أعماقنا عز بناه هدى الكتاب

أم تلك عزمتنا التى طال انتظا
ر لهيبها من بعد أقوال كذاب

من بعد ما ضل الطريق جوادنا
والكل عن سبل الهدى فقد الصواب

ما للزمان رمى الرعاة فبادهم
عنا وصارت تحرس القطط الذئاب

هل صار فى طبع الأسود تخنث
أم عندنا قد صارت الأسد الكلاب

واستأسد الفئران فى الآكام أم
ما كان فى آسادنا ظفر وناب

عجباً فكيف وبين أيدى أمتى
سرج الهدى عن نهجه ثم اغتراب

أنقول إن الأمر صعب والسلا
م خيارنا ونعد للمحن الخطاب

أم نكتفى بالشجب والإنكار والش
كوى لمجلس أمنهم فدح المصاب

إن الدماء بنا دماء بواسل
سادوا الورى ولنا بهم شرف انتساب

تاريخنا تاريخ من تاريخ أم
تنا الأبية بافتخار أو عتاب

يعظ الورى إنى سطرت لهم فتو
حات وكنتم عن حضارتهم غياب

وكتبت أن عداتهم هلكى إذا
هموا بنفس أو بشبر من تراب

وسطرت إذعان الملوك لعزهم
طوعا وكرها أو يذاقون العقاب

فى ربع قرن يامحمد سدتهم
معك التوكل والملائك والصحاب

إنا نخاف إذا تعثرت البعي
ر سؤالنا لم لم نسو لها الهضاب

فى أى شعب يا ظباء فارتعى
أو فاغفلى فى كل أمن من ذئاب

فى أى مصر يا سماء فأمطرى
إنا سيأتينا خراجك يا سحاب

أى خوف اى عدل أى عز
ليت شعرى أى هدى بالكتاب

أيجوز أن نحيا وفى الأقصى جبا
ن قد أصاب ويا لهول ما أصاب

أنات طفل ضائع بين الشتا
ت وأمه غرقى ببحر من عذاب

وجحيم والده يعود لبيته
فيراه هدما يا لحر من إياب

وأمة نزفت شبابا ناضرا
خذلتهم أما المريض فلا يعاب

وكأن من فى الأرض من أبنائها
صاروا سدى قد حال دونهم حجاب

إنى لأرغب أن أموت ملبيا
الله أكبر إننى ليث يهاب

الله أكبر إننى نار ولى
فى راحتى صوارم وقنا صلاب

إنى إذا حل العدو قطعته
وإذا حللت به على إثرى الخراب

إنى أحب الرمح قان من دم
اء المعتدين لها انحدار وانسكاب

لى المخذم البتار لم يقنع سوى
بالخوض فى أشلائهم ولها عباب

إنى يشرفنى أموت بساحة ال
قدس الأسيف على المآسى والخراب

كى يعلم الصهيون أن محمداً
قد خلف الأبطال والهمم الصلاب

وأرد كل كرامتى وأصيح فو
ق جدارها الله أجدر من يهاب

أنا فى الحقيقة بسمة رسمت على
وجه الصبى محمد بعد اكتئاب

أنا دعوة للقدس فى غسق الدجى
الأطفال لبوها صباحًا والشباب

أنا صحوة قدسية فكت عن
الأقصى القيود عن المآذن والقباب

إنى أرى يا أخوتى هذا الضياء
مدويا بالقدس يطرق كل باب

أيكون ذاك صباح أمتنا التى
باتت تدافع باعتصام واحتساب

أم نار جيش زاحف والصبح إم
ما مشرق بمهالك أو بالثواب

أتراه جد بزوغ صبح القدس أم
يا أخوتى أهل الوغى هذا سراب

© 2024 - موقع الشعر