أَريقُكِ أَم ماءُ الغَمامَةِ أَم خَمرُ - أبو الطيب المتنبي

أَريقُكِ أَم ماءُ الغَمامَةِ أَم خَمرُ "
" بِفِيَّ بَرودٌ وَهوَ في كَبِدي جَمرُ

أَذا الغُصنُ أَم ذا الدِعصِ أَم أَنتِ فِتنَةٌ "
" وَذَيّا الَّذي قَبَّلتُهُ البَرقُ أَم ثَغرُ

رَأَت وَجهَ مَن أَهوى بِلَيلٍ عَواذِلي "
" فَقُلنَ نَرى شَمسًا وَما طَلَعَ الفَجرُ

رَأَينَ الَّتي لِلسِحرِ في لَحَظاتِها "
" سُيوفٌ ظُباها مِن دَمي أَبَدًا حُمرُ

تَناهى سُكونُ الحُسنِ في حَرَكاتِها "
" فَلَيسَ لِراءٍ وَجهَها لَم يَمُت عُذرُ

إِلَيكَ ابنَ يَحيى بنِ الوَليدِ تَجاوَزَت "
" بِيَ البيدَ عيسٌ لَحمُها وَالدَمُ الشِّعرُ

نَضَحتُ بِذِكراكُمْ حَرارَةَ قَلبِها "
" فَسارَت وَطولُ الأَرضِ في عَينِها شِبرُ

إِلى لَيثِ حَربٍ يُلحِمُ اللَيثَ سَيفُهُ "
" وَبَحرِ نَدًى في مَوجِهِ يَغرَقُ البَحرُ

وَإِن كانَ يُبقي جودُهُ مِن تَليدِهِ "
" شَبيهًا بِما يُبقي مِنَ العاشِقِ الهَجرُ

فَتىً كُلَّ يَومٍ تَحتَوي نَفسَ مالِهِ "
" رِماحُ المَعالي لا الرُدَينِيَّةُ السُمرُ

تَباعَدَ ما بَينَ السَحابِ وَبَينَهُ "
" فَنائِلُها قَطرٌ وَنائِلُهُ غَمرُ

وَلَو تَنزِلُ الدُنيا عَلى حُكمِ كَفِّهِ "
" لَأَصبَحَتِ الدُنيا وَأَكثَرُها نَزرُ

أَراهُ صَغيرًا قَدرَها عُظمُ قَدرِهِ "
" فَما لِعَظيمٍ قَدرُهُ عِندَهُ قَدرُ

مَتى ما يُشِر نَحوَ السَماءِ بِوَجهِهِ "
" تَخِرَّ لَهُ الشِعرى وَيَنخَسِفِ البَدرُ

تَرَ القَمَرَ الأَرضِيَّ وَالمَلِكَ الَّذي "
" لَهُ المُلكُ بَعدَ اللهِ وَالمَجدُ وَالذِكرُ

كَثيرُ سُهادِ العَينِ مِن غَيرِ عِلَّةٍ "
" يُؤَرِّقُهُ فيما يُشَرِّفُهُ الفِكرُ

لَهُ مِثَنٌ تُفني الثَناءَ كَأَنَّما "
" بِهِ أَقسَمَت أَلا يُؤَدّى لَها شُكرُ

أَبا أَحمَدٍ ما الفَخرُ إِلّا لِأَهلِهِ "
" وَما لِامرِئٍ لَم يُمسِ مِن بُحتُرٍ فَخرُ

هُمُ الناسُ إِلّا أَنَّهُمْ مِن مَكارِمٍ "
" يُغَنّي بِهِمْ حَضرٌ وَيَحدو بِهِمْ سَفرُ

بِمَن أَضرِبُ الأَمثالَ أَم مَن أَقيسُهُ "
" إِلَيكَ وَأَهلُ الدَهرِ دونَكَ وَالدَهرُ

© 2024 - موقع الشعر