تُرى سَكِرَت عِطفاهُ مِن خَمرِ ريقِهِ - صفي الدين الحلي

تُرى سَكِرَت عِطفاهُ مِن خَمرِ ريقِهِ
فَماسَت بِهِ أَم مِن كُؤوسِ رَحيقِهِ

مَليحٌ يُغيرُ الغُصنَ عِندَ اِهتِزازِهِ
وَيُخجِلُ بَدرَ التَمِّ عِندَ شُروقِهِ

فَما فيهِ شَيءٌ ناقِصٌ غَيرَ خَصرِهِ
وَلا فيهِ شَيءٌ بارِدٌ غَيرَ ريقِهِ

وَلا ما يَسوءُ النَفسَ غَيرُ نِفارِهِ
وَلا ما يَروعُ القَلبَ غَيرُ عُقوقِهِ

عَجِبتُ لَهُ يُبدي القَساوَةَ عِندَما
يُقابِلُني مِن خَدِّهِ بِرَقيقِهِ

وَيَلطُفُ بي مِن بَعدِ إِعمالِ لَحظِهِ
وَكَيفَ يُرَدُّ السَهمُ بَعدَ مُروقِهِ

يَقولونَ لي وَالبَدرُ في الأُفقِ مُشرِقٌ
بَذا أَنتَ صَبٌّ قُلتُ بَل بِشَقيقِهِ

فَلا تُنكِروا قَتلي بِدِقَّةِ خَصرِهِ
فَإِنَّ جَليلَ الخَطبِ دونَ دَقيقِهِ

وَلَيلَةَ عاطاني المُدامَ وَوَجهُهُ
يُرينا صَبوحَ الشُربِ حالَ غَبوقِهِ

بِكَأسٍ حَكاها ثَغرُهُ في اِبتِسامَةٍ
بِما ضَمَّهُ مِن دُرِّهِ وَعَقيقِهِ

لَقَد نِلتُ إِذ نادَمتُهُ مِن حَديثِهِ
مِنَ السُكرِ ما لا نُلتُهُ مِن عَقيقِهِ

فَلَم أَدرِ مَن أَيَّ الثَلاثَةِ سَكرَتي
أَمِن لَحظِهِ أَم لَفظِهِ أَم رَحيقِهِ

لَقَد بِعتُهُ قَلبي بِخَلوَةِ ساعَةٍ
فَأَصبَحَ حَقّاً ثابِتاً مِن حُقوقِهِ

وَأَصبَحتُ نَدماناً عَلى خُسرِ صَفقَتي
كَذا مَن يَبيعُ الشَيءَ في غَيرِ سوقِهِ

© 2024 - موقع الشعر