صيحة صدق لا صرخة مرتزق - أحمد علي سليمان

صيحة فيها الدليلُ الوافي
ترشدُ الصرعى ، وتهدي الغافي

تُتحِفُ الألبابَ ، تمحو جهلها
ثم تحبوها الجلالَ الضافي

وتُسلي القلب في آلامه
وتُزكّي وازعَ الإيلاف

وتُعزي النفسَ في غصّاتها
إذ تُريها منهجَ الأسلاف

صيحة ليست تُحابي مَن طغى
برّة الشارات والأوصاف

تحملُ القومَ على حُب الهُدى
في تقىً سامٍ وفي استشراف

ثورة هذي على أهل الشقا
عَفّة الأسلوب والأهداف

تُحرُسُ الحق ، وتعْلِي شأنه
كي يراه الناسُ باستشفاف

صيحة يُصغي لها أهلُ الحِجا
كي يكونوا عِلية الأشراف

جَرْسُها مُستبشرٌ مُستيقنٌ
يزدهي بالتائب الوقاف

تشتهي نصر المعالي حِسبة
رغم أنف الكيد والإرجاف

تنشدُ الخيرَ ، وترجو عِزه
دونما ذل ولا استضعاف

حُرة ترجو تسامي مَن دعا
مُخلصاً بالمَدمَع الذرّاف

صيحة تجتاحُ أربابَ الهوى
والجفا والظلم والإجحاف

صاحها ليثٌ نوى إعلانها
في جميع الدُور والأكناف

صادقاً فيما ادّعى مستبسلاً
مستعيناً بالمليك الكافي

راضياً عن ربه كل الرضا
ساعياً للعدل والإنصاف

رافضاً للسوء والسوآى معاً
ثائراً في وجه الاستخفاف

طيب الأفعال ، لا يأسى على
أي شيء فات ، يا للعافي

واثقاً من نصر خلاق الورى
مُشْهراً فحوى الدليل الوافي

مُذعناً للحق إيماناً به
مُثمِراً كالروضة المِئناف

مُفصحاً عن بعض ما ينتابُه
ثم عند الله باقي الخافي

عالماً بالموت يأتي بغتةً
وجميعُ الخلق كالأضياف

قانعاً أن التنائي سُنة
ثم تبقى صورة الأطياف

إن حكم الله فينا قاطعٌ
ليس مِن نقض ، ولا استئناف

لكنِ الخرّاص قد باع الهُدى
وارتضى (اليورات) بالآلاف

قال ما يُرضِي الغثا أسيادَه
دونما عِز ، ولا استعفاف

ولهذا أتحفوا بُهلولهم
بالهدايا غاية الإتحاف

أُعطِيَ المأجورُ بيتاً واسعاً
برياض حوله ألفاف

ذلُ نفس ، فارتزاقٌ مقرفٌ
مذعنٌ للمنطق الهتاف

وانحرافٌ كم طوى من أرذل
واتلُ عن (بلعامَ) في الأعراف

وانطلاقٌ نحو أبواب اللظى
وانكسارٌ ثانيَ الأعطاف

كي يُضل الناس عن دين الهدى
ضامناً دعماً مِن الأحلاف

ما تساوى العبدُ يخشى ربه
بالذي ينقادُ خلف الناف

إنما الفرقُ الذي يعنو لنا
كالمُدى قِيستْ على الأسياف

أو كمثل الرمْل إن قارنته
عند شط البحر بالأصداف

© 2024 - موقع الشعر