صيحةٌ.. في السَّراب العربيِّ إلى أخي العراقيّ..! - فيصل محمد الحجي

(جنّ) يا ابن الليثِ واللبوةِ (جنّ)
(جِنَّ).. فالعقلُ فينا من يُجَنّ

(جِنّ).. واسترجعْ تقاليدَ الفِدا
وتحدَّ البغيَ من إنسٍ وجنّ!

وامتشق سيفَ التحدّي .. إنما
هذه الكفُّ إلى السيفِ تحنّ

طالتِ الفُرقة ما بينهما
ولهذا أمتي لم تطمئن

* * *
يا شهاباً شعّ في ظلمتِنا

سحقَ العارَ الذي فينا سكنْ !
صفعَ الباغيَ في عزّته

وأماتَ الكِبرَ فيه ودفنْ !
الفتى الأعزلُ في جُرأتهِ

أوردَ العلجَ الدَّواهي فانطحنْ !
و (الأبتشي) مرّغوها في الثرى

برصاصٍ ندَّ من زندٍ خشنْ!
ذلك الباغي أتانا يدَّعي

أنه يرجو لنا كلّ حسنْ!
ما أرى إلا دماراً.. عجباً

هل بذا التدمير يحمون الوطنْ!
حممٌ تهوي عليها حممٌ

ولهيبُ النار للصّخر عجنْ!
رُبَّ طفلٍ ذابَ في نيرانها

ورمادُ النار قبرٌ وكَفنْ!
رُبَّ شيخٍ قد تهاوى صَعِقاً

من دويّ و ارتعابٍ وحَزنْ!
إن هوى الصاروخُ في بيدائها

يقشعرُّ الجلدُ منه في (عَدَنْ)!
قد أحبونا .. لهذا أقبلوا

بابتساماتٍ يُغشّيها الدَّخَنْ
قد أحبّونا .. أحبّونا .. لذا

أغرقونا بالمآسي و المِحن!
تلكَ (إسرائيلُ ) من أفضالهم

نبعُ شرّ وفسادٍ وفتنْ
شاهَ أوغادُ حضاراتٍ بغَت

تزرعُ الأفكارَ في وحلٍ أسنْ
لا تقلْ: هذي حضاراتٌ، وقلْ:

هذه الحسناءُ خضراءُ الدّمنْ
زعموا ما زعموا من قيم

لم تكن في وجههمْ غيرَ دَرَنْ
ما رأى التاريخُ رجساً ظاهراً

كحضاراتِ غرورٍ وإحَنْ
قبلكمْ شدنا حضاراتِ الهُدى

و نهضنا في بدايات الزمنْ
أينَ كنتمْ يومَ سابقنا الورى

وبنى صرح المعالي ذو يزنْ؟
أين كنتمْ يومَ وافانا الهُدى

ودعا (الهادي) إلى خيرِ السُّننْ؟
يوم كنتمْ في دياجي جهلكمْ

كقطيع الوحش من غير رسَنْ
* * *

إيهِ.. يا بغدادُ لا تستسلمي
وارجمي الباغي بأصنافِ المِحَنْ

لا تُراعوا با أخلاءَ الهُدى
إنما المحنة فينا كالمسَنّ

تشحذُ الهمّة لمّا صدئت
وتُشبُّ العزمَ في كلّ!ِ البّدّنْ!

كُفَّ يا شعريَ.. إني خجلٌ
من إغاراتٍ على الباغي تُشنّ

لستُ فيها لستُ من أبطالها
لم أبادرها برمحٍ ومجنّ

صاغني الرحمن حراً شامخاً
فَلِمَ العيشُ ذليلاً مثلَ قِنّ؟

يا بني قومي أفيقوا..إنما
هذه السّكينُ للكلِّ تُسَنْ

إن غدَت بغدادُ من أملاكهِ
فغداً يطلبُ صنعاءَ اليمنْ !

إن قسا ابنُ العمِّ في عدوانه
إنه أهونُ من علجٍ أصَنّ

ينشرُ الفحشاءَ في أشرافنا
ويظلُ الشعبُ في قيد الوثن

إنهم أحفادُ (نقفور) أتوا
كي يُروّوا الحقدَ من بحر الفتنْ

(رُبَّ وامعتصماهُ انطلقت)
فأضعناها بصحراءِ الوَسَن

هل ثرى في قومنا (مُعتصِماً)
يسمعُ الصيحة أو يجلو الحَزن؟

أيغني العربُ في أفراحهم
وأخو البَلوى ببغدادَ يئنّ؟

فإلى الهيجاءِ يا شِبلَ الوَغى
فعلى الأوطانِ أنتَ المُؤتمنْ

واحمِ بغدادَ (الرشيد) المُبتلى
بأذى الأخبار عن جيل السِّمَنْ

بل هُما جيلان: جيلٌ خائرٌ
فتنتْهُ شهواتٌ فمَجَنْ

وهنا جيلٌ عفيفٌ طاهرٌ
يطلبُ الجنّة.. يُغليها الثمنْ

كالرشيدِ اغتاظ.. أو معتصمٍ
إن تمادى العِلجُ سمّى وَطَعنْ

فإلى الهَيجاءِ يا جيلَ الهُدى
سِرْ بنا نحو العراق الممتحَنْ

واحم بغدادَ المعالي.. وانتصرْ
للسانِ (الضّادِ) من علجٍ رَطَنْ

فاحمِها واحمِ مناراتِ الهُدى
إن تخليتَ فمنْ يحمي إذنْ!؟

مناسبة القصيدة

(جُنّ) فعل ماض مبني للمجهول.. ولم يبن للمعلوم لأن الجنون يقع على الإنسان بغير اختياره.. ولكن الناظر إلى ما يعصف بالمسلمين من أحداث في فلسطين والعراق وكشمير والشيشان وغيرها.. قد يجد نفسه مرغماً على أخذ زمام المبادرة وممارسة الجنون –عمداً- بقراره واختياره.. وهكذا يتحول الفعل المبني للمجهول إلى فعل مبني للمعلوم، لعله ينجز ما تقرّ به عيون قوم مؤمنين ولو لم يرض (سيبويه)..! ولا يخفى عليكم أننا نقصد هنا (الجنون) بمعناه المجازي لا الحقيقي.
© 2024 - موقع الشعر