إلا محمداً (ص) - فيصل محمد الحجي

أتَعْجَبُ أنَّ اللَّيْثَ أرْغى وَ أزبَدا
وَ أبْرَقَ زلْزالُ الْجِهادِ وَ أرْعَدا ؟

وَ ثارَتْ جُمُوعُ الصَّابِرينَ على الأذى
عُقُوداً.. وَ حِلْمُ الْمُسْلِمينَ تَبَدَّدا؟

غَدا الْحِلْمُ يُغْري الْمُعْتَدينَ ، فَأوْغَلوا
بِإيذائِنا مِنْ أجْل ِ أنْ نَتَعَود

وَ مَن ألِفَ الإطْراقَ لِلْذُلِّ عَلَّهُ
يَزولُ بِعَفْو ٍ مِنْ ظَلُوم ٍ مَعَ الْمَدى

فَقَدْ عاشَ في الدُّنْيا ذلِيلاً مُخَلَّداً
وَ يَحْيا مَعَ الأخْرى ذلِيلاً مُخَلَّدا

فَمَزِّقْ لِجامَ الْحِلْم ِ في غَيْر ِ أهْلِه
فَهُمْ يَفْهَمُونَ الْحِلْمَ عَجْزاً مُؤكَّدا

يَقولونَ لي : حُرِّيَّة ٌ فاقْبَلوا بها!
ألا بِئْسَما حُرِّيَّة ٌ تَشْتُمُ الْهُدى !

وَ ما مُنِحَ الإنْسانُ حُرِّيَّة ً سِوى
إذا قارَبَ الْخَطْوَ الرّشِيدَ وَ سَدَّدا

فَيا أُمَّة َ الإسْلام ِ قُولي لِنائِم ٍ :
ألا امْسَحْ عَن ِ الْعَيْنَيْن ِ نَوْماً وَ إثْمِد

ألا انْهَضْ فَإنَّ الْعارَ كَفَّنَ غافِلاً
تجاهَلَ وَغْداً قَدْ تَجَبَّرَ و اعْتَدى

لَقَدْ أسْرَفوا ظُلْماً.. فَما عُذْرُ قَوْمِنا
وَ قَدْ أسْرَفوا بِالصَّبْر ِ حَتّى تَجَمَّدا؟

ألَمْْ يَبْدؤوا اسْتِعْمارَنا دُونَ رَحْمَة ؟
ألَمْ يَزْعُمُوا فَضْلاً لَهُمْ مُتَجَدِّدا ؟

مَلأتُمْ خَيالَ الشَّعْبِ ذِكْرى قَبِيحَة
وَ صَيَّرْتُمُ وَجْه َ الْحَضارَةِ أسْوَدا

أسَرْتُمْ ، ضَرَبْتُمْ ، أوَ قَتَلْتُمْ وَ طالَما
تَطاوَلَ عِلْجٌ في حِمانا وَ عَرْبَدا

سَرَقْتُمْ ، نَهَبْتُمْ ، بلْ جَحَدْتُمْ حُقوقَنا
إلى أنْ غدا الْفَقْرُ الْخَدينَ الْمُنَكِّدا

غَرَزْتُمْ قَذى صَهْيُونَ في عَيْن ِأُمَّتي
فَأضْحى مَنارُ الْعَيْن ِ أجْهَرَ أَرْمَدا

حَصَدْتُمْ جَمالَ الرَّوْض ِ بَغْياً ، فلا نَرى
زُهُوراَ وَ وَرْداً بَلْ عِضاهاً وَ غَرْقَداً(1)

وَ جِئْتُمْ – بُغاة َ الْعَصْر ِِ – بِالإفْكِ عَلَّهُ
يُزَيِّنُ لِلأغْرارَ قُبْحاً مُجَسَّدا

وَ ألْبَسْتُمُ الْعُدْوانَ ثَوْباً مُزَيَّفا
وَ سَمَّيْتُمُ الإجْرامَ نَهْجاً مُسَدَّدا

وَ آخِرُ عُدْوان شَتَمْتُمْ مُحَمَّداً
خَسِئْتُمْ .. يَهُونُ الْكُلُّ إلاّ مُحَمَّدا !

هُنا يَنْهَضُ الصَّمْصامُ عَصْفاً مُزَلْزلاً
وَ تَحْلو لِصِنْدِيدٍ مُعانَقَة ُ الرَّدى

هُنا يُحْضِرُ الأحْفادُ ذِكْرى جُدودِهِمْ
وَ يُصْبِحُ شِبْلُ الْيَوْم ِ كَاللَّيْثِ أصْيَدا

فَلا يَنْحَني ..هَيْهاتَ ! لَيْث ٌ وَ يَنْحَني ؟!
وَ لا يَنْثَني ! هَيْهاتَ أنْ يَتَرَدَّدا !

لَدَيْكُمْ طَعامٌ فاحْفَظوهُ.. فَعِنْدَنا
إباءٌ يُغَذِّينا ، وَ يُغْني عَن ِ الْعِدا

فإنّا - بَني الصَّحْراءِ - يُسْكِرُنا الظَّما
وَ يُتْخِمُنا الْجُوعُ الْمُعَطَّرُ بِالْفِدى

وَ يَحْلُو لَنا الصَّبْرُ الْمَريرُ.. وَ مَنْ دَعا
لِنَقْتاتَ ( حَلْواكُمْ ) فَدَعْوَتُهُ سُدى

فَلا تَرْجُموا بِاللَّوْم ِ إلاّ سَفيهَكُمْ
وَ لا تَقْذِفوا بِالْجَهْل ِ إلاّ مُؤَيِّدا

وَ مَنْ يَجْحَدِ الأفْضالَ يَحْصُدْ مَرارَة
وَ مَنْ يَشْتُم ِ الأشْرافَ يَخْنُسْ مُهَدًَّدا

ألا سائِل ِ التّاريخَ يا جاحِدَالنَّدى
إذا أنْتَ لَمْ تُنْصِتْ سَيَصْفَعُكَ الصَّدى

طَلَعْنا عَلى الدُّنْيا شُمُوسَ هِدايَةٍ
أضَاءَتْ لِكُلِّ النّاس ِ دَرْباً مُلَبَّدا

نَشَرْنا لِواءَ الْعَدْل ِ فانْتَعَشَتْ بِهِ
شُعُوبٌ ظِماءٌ لِلْعَدالَةِ وَ الْهُدى

فَكَمْ سَعِدوا لَمَّا أحَبُّوا مُحَمَّداً
وَ حُقَّ لِناج أنْ يَعِزَّ وَ يَسْعَدا

وَ قَدْ نَهَلوا ماءَ الْحَضارَةِ صافِياً
فَلا ظُلْمَ ..لا اسْتِعْمارَ أضْنى وَ أفْسَدا

عَرَضْنا – بِلا إكْراهَ – دينَ مُحَمَّدٍ
فَلَبَّوْا نِداءَ الْحَقِّ شَيْخاً وَ أمْردا

وَ غَشَّى على الدُّنْيا سَلامٌ وَ عِفَّة
سَلامٌ حَقِيقيٌّ وَ لَيْسَ ( مُقَلَّدا )!

خَسِئْتُمْ – وَ رَبِّ الْبَيْتِ – هذا حَبيبُنا
بِنا وَ بِأهْلِينا يُصانُ وَ يُفْتَدى

***
لَئِنْ صَنَعَ (الْغَرْبُ) الْوَسائِلَ كُلَّها

وَ رامَ صُعوداً في الْفَضاءِ وَ أبْعدا
فَما عِنْدَهُ إلاّ : غُروبٌ وَ ظُلْمَة

وَ ما يُرْتَجى الإنْصافُ مِنْه ُ وَ لا النّدى
وَ ما (الْغَرْبُ) إلاّ اللّيْلُ يَبْدو .. وَ يَخْتَفي !

وَ يُشْرقُ إسْلامي إلى آخِر ِ الْمَدى !
© 2024 - موقع الشعر