بَـيْـنَ جـِيـلـَـيْـن - فيصل محمد الحجي

لا تَلُمْهُ .. فَلَنْ تٌفِيدَ الَمَلامَة
هَجَرَ الْوَعْيُ فِعْلَهُ وَ كَلامَهْ

عاشَ لا يَعْرفُ الضِّياءَ لِبَدْر ٍ عاشَ وَ
في ظلام ٍ.. وَ لا النَّهار أمامَهْ

الْجَهْلُ تَوْأمَيْن ِ.. وَ أنَّى
لأخ ِ الْجَهْل ِ أنْ يَفُكَّ زمامَهْ ؟!

رُبَّما عاشَ مُعْدَماً.. شَغَلَتْهُ
عَنْ جَنا الْعِلْم ِ كَيْفَ يَجْني طَعامَهْ

رُبَّما كانَ في الدِّيار ِ أسِيراً
لِفِئاتٍ.. قَدْ أتْقَنَتْ إيهامَهْ

سَمَّمُوا عَقَلَهُ بِكُلِّ ضلال ..
وَ سَقَوْهُ مَبادِئاً هَدَّامَة ..!

رُبَّما كانَ يَنْتَمي لِصِحابٍ
لَمْ يُراعُوا حَلالَهُ و حَرامَهْ

غاصَ في الإثْم ِ سادِراً لَيْسَ يَدْري
وَ النَّدامَى قَدْ جَرَّعُوهُ النَّدامَة

ما رأى في الْعُلا الأمانِيَ .. لكِنْ
في الْغَوَانِي .. لِكَيْ يَبُثَّ غَرامَهْ

كَيْفَ يَدْري حَقِيقَة ً وَ هْوَ لاهٍ
طَوَّقُوا قَلْبَهُ بِ ( طَوْق ِ الْحَمامَة )(1)

رُبَّما عاشَ لا يُريدُ انْتِماءً
يُنْفِقُ الْعُمْرَ في ( مَقاهِي ) السَّآمَة

حَيْثُ يُرْوَى زَيْفُ الْبُطُولاتِ.. فَانْظُرْ
كَيْفَ يُبْدِي ( مُهَلْهِلُ ) إقْدامَهْ ؟!

مِنْ وَراءِ الآفاق قَدْ مَدَّ سَيْفاً
مُذْ بَدا .. حَط رأسَهُ قُدَّامَهُ !

ضَرْبَة ُ السَّيْفِ أسْقَطَتْ ألْفَ رَأس..
وَ السُّكارى قَدْ صَدَّقُوا أوْهامَهْ !

وَ ( النَّراجِيلُ ) عاصِفاتٌ دُخاناً
وَ شَخِيرُ النُّوَّام ِ يُغْري نِيامَهْ !

***
لا تَلُمْهُ .. فَلَنْ تُفِيدَ الْمَلامَة

نَخَرَ الْوَهْنُ قَلْبَهُ وَ عِظامَهْ
شابَ قَبْلَ الشَّبابِ.. وَ الْعَزْمُ وَلَّى

وَ حَنا لِلزَّمان ِ جِيداً وَ هامَة
رُبَّما عاشَ في السُّجُون ِ نَزيلاً

عَضَّهُ الْقَيْدُ .. يَبْتَغي إعْدامَهْ
وَ عَلى مَذْبَح ِ السِّنِينَ .. تَداعى

صَبْرُهُ الْفَذُّ .. ذاكِراً أيْتامَهْ
كانَ فِيما مَضى عَنِيداً يُعادِي

كُلَّ ظُلْم ٍ وَ يَزْدَري أصْنامَهْ
رُبَّما كانَ حارساً لِحِماهُ ..

ضِدَّ مُسْتَعْمِر ٍ يُريدُ الْتِهامَهْ
أهْدَروا عُمْرَهُ بِغَيْر ِ جِهادٍ

وَ أذَلُّوهُ في صِراع ِ الزَّعامَة
هَمُّ ( فِرْعَوْنَ ) أنْ يَظَلَّ عَظِيماً

وَ الأرقَّاءُ يَحْرسونَ ( نِظامَهْ ) !
رُبَّما كانَ ذا عِيال ٍ وَ ضاقَتْ

سُبُلُ الْعَيْش ِ في ظِلال ِ الْكَرامَة
يَشْتَكِي الطِّفْلُ جُوعَهُ.. وَ الصبايا

تَشْتَكِي الْعُرْيَ صائِحاتٍ : إلامَهْ ؟
رُبَّما عاشَ في البلادِِ طَريداً

لَيْسَ يَدْري أيَّانَ يَبْني خِيامَهْ ؟
لَيْسَ يَدْري مِنْ أيْنَ يَأتِي ( جَوازٌ )

لِمُرور ٍ .. أوْ ( رُخْصَة ٌ ) لإقامَة ؟
رٌبَّما كانَ عُرْضَة ً لاعْتِداءٍ

يَشْتَكي ل (الْقَضاءِ) ألْفَ ظُلامَة !
وَعَدُوهُ دَوْماً وَ ما أنْصَفُوهُ

رُبَّما أنْصَفُوهُ يَوْمَ الْقِيامَة !
رُبَّما عاشَ في مَكان ٍوَضِيع

يَرْفَعُ الْفِسْقَ شارة ً وَ عَلامَة !
أُمُّهُ تَجْعَلُ الْغِوايَة َ دِيناً

وَ أبُوهُ يَسْتَعْطِفُ ( الْخَدَّامَة ) !
رُبَّما كانَ ( كاتِباً ) يَتَحَرَّى

نَبْرَة َ الصِّدْق ِ لِلْحُرُوفِ دَِعامَة
مَزَّقُوا طِرْسَهُ النَّقِيَّ .. وَ داسُوا

ما حَواهُ .. وَ كَسَّروا أقْلامَهْ !
رُبَّما كانَ ( شاعِراً ) يَتَغَنَّى

بِالْمُساواةِ بَيْنَنا وَ الْكَرامَة
صادَروا مِنْهُ رائِعاتِ الْقَوافي

وَ حَشَوْها حَقَارَة ً وَ وَخامَة !
رُبَّما كانَ ( قائِداً ) يَتَصَدَّى

لِقُوى الْبَغْي ِ داحِراً إجْرامَهْ
خَذلُوهُ عِنْدَ اللِّقاءِ ... وَ باعُوا

كُلَّ نَصْر ٍ .. وَ نَكَّسوا أعْلامَهْ !
رُبَّما .. رُبَّما .. وَ رُبَّ قَتِيل

قَبْلَ يَوْم ِ الْحِمام ِ لاقى حِمامَهْ !
يَسْحَقُ الشَّرُّ كُلَّ خَيْر ٍ يَراهُ

لَيِّنَ الْعُودِ لا يُجِيدُ خِصامَهْ !
***

يا إلهي .. مَنْ ذاكَ ؟ قُومُوا تَعالَوْا
وَ انْظروا جَبْهَة َ الرِّماح ِ الْمُقامَة !

أتُراهُمْ أبْطالَ ( بَدْر ٍ) غِضاباً ...
قَدْ أطَلُّوا كَيْ نَسْتَعِيدَ الإمامَة ؟

أتُراهُمْ في ( الشِّعْبِ ) أصْحابَ ( طه )
وَ ذَوُو الْحِقْدِ يَمْنَعُونَ إدامَهْ ؟

تَخِذوا الصَّبْرَ وَ الْعَقِيدَة َ خُبْزاً
وَ سِلاحاً .. وَ اسْتَعْذبُوا آلامَهْ

أتُراهُمْ أصْحابَ ( سَعْدٍ ) أحاطُوا
عِلْجَ ( كابُولَ ) كَيْ يَهُدُّوا ( نِظامَهْ ) ؟

أمْ سَرايا ( قُتَيْبَةٍ ) قَدْ تَداعَوْا
كَيْ يُقِيمُوا في ( قَنْدهارَ ) الْقِيامَة؟

أتُرانا في الْقَادِسِيَّةِ ؟ مَنْ هُمْ ؟
يا جَمِيعَ الْوَرى ؟ أجَيْشُ ( أُسامَة ) ؟

أتُراها مَآذِنُ الْحَقِّ تَسْمُوا ؟
أمْ جِبالاً في ( عامِل ٍ ) وَ ( تِهامَة ) ؟(2)

أمْ تُراهُمْ أشْبالُنا قَدْ تَعَالَوا
فَغَدَوْنا في الْمُنْتَدى أقْزامَهْ ؟

لَنْ نُدانِِي تِلْكَ الشَّوامِخَ حَتَّى
لَوْ نَمَتْ فَوْقَ قامَتِي ألْفُ قامَة !

أ نُفُوسٌ بِالتَّضْحِياتِ اطْمَأنَّتْ
كَنُفُوس ٍ أمَّارَةٍ لَوَّامَة ؟

يا لَزَحْفٍ فِيهِ الأشاوسُ مُرْدٌ
يَقْدُمُ الزّحْفَ مُقْعَدُ ذو عَمامَة !(3)

إنَّهُمْ فِتْيَة ُ الْجِهادِ أعادوا
لِلْفِدا في دِيارنا أيَّامَهْ !

إنَّهُمْ فِتْيَة ُ انْتِفاضَةِ شَعْبٍ
مَلَّ حُكَّامَهُ .. وَ مَلًَّ خِيامَهْ .. !

وَ رَأى الْعِرْضَ يُسْتَباحُ .. وَ دِيناً
يُزْدرى نَهْجُهُ .. فَسَلَّ حُسامَهْ

(قَرِّبا مَرْبَط َ النَّعامَةِ مِنِّي)
لَمْ تَعُدْ تَقْبَلُ الرِّباط َ النِّعامَة(4)

وَ اتْبَعُوني .. ( حِطِّينُ ) تَدْعُو بَنِيها
وَ ( صَلاحٌ ) في كَفِّهِ صَمْصامَة(5)

صانَكَ اللّهُ يا رَضِيعَ الْمَعالِي
أنْتَ مَنْ أحْسَنَ الْفِداءُ فِطامَهْ

سِيرَة ُ الْمُصْطَفى يَفُوحُ شَذاها
مِنْ خُطاهُ .. فاسْتَنْشِقُوا أنْسامَهْ

إنَّما تَعْرفُ الْبُطُولَة ُ مِنْهُ
- إنْ دهى الْخَطْبُ – طَلْعَة ً بَسَّامَة

دِرْعُهُ يَنْسُجُ الْيَقِينُ سُداها
وَ مِنَ الصَّخْر ِ يَسْتَمِدُّ سِهامَهْ

قَدْ طَلَبْنا أهْدافَنا مُنْذ ُ قَرْن
وَ مَساعِيهِ قارَبَتْ أعْوامَهْ

وَ رَكِبْنا لِلْمَجْدِ كُلَّ سَريع
كالصَّواريخ ِ.. وَ امْتَطى أقْدامَهْ

فَمَضى سابِقاً .. وَ بِتْنا حَيارى
حَيْثُ كُنَّا .. وَ ما مَشَيْنا قُلامَة

مَلَّ مِنّا الْجَمِيعُ .. حِينَ رَأوْنا
نَدَّعِي الْحَرْبَ .. ثُمَّ نَرْجُو سَلامَهْ !

عَجَزَ الْفِسْقُ أنْ يَقُودَ نِضالاً
دامِيَ الْخَطْو ِ .. مُنْجِزاً أحْلامَهْ

وَ عَلَتْ رايَة ُ الْجِهادِ تُباهِي
بِسَرايا صَوَّامَةٍ قَوّامَة !

سَدَّدَتْ سُنَّة ُ الرَّسُول ِ خُطاها
وَ حَباها قُرْآنُها إنْعامَهْ

***
دُمْتِ - يا أُمَّهُ - مَناراً مُضِيئا

كَيْ تَرى أُمَّهاتُنا اسْتِلْهامَهًْ
وَ لَكِ اللّه .. يَوْمَ وَدَّعْتِ شِبْلاً

يَتَحَدَّى العَدُوَّ .. يَهْوى صِدامَهْْ
حَجَبَ الدَّمْعَ في الْعُيُون ِ إباءٌ

وَ شُمُوخ ٌ مِنْ لَبْوَةٍ ضِرْغامَة
قَدْ أعَدَّتْهُ لِلْفِداءِ .. وَ لكِنْ

مُهْجَة ُ الأُمِّ نارُها ضَرَّامَة
كَفْكَفَتْ دَمْعَها .. وَ شَدَّتْ قُواها

وَ كَسَتْ وَجْهَها بِكُلِّ صَرامَة
يا حَبِيبي .. ذا الْيَوْمُ يَوْمُكَ .. أقْدِمْ

سِرْ إلى الْمَجْدِ .. رافَقَتْكَ السَّلامَة!

مناسبة القصيدة

-الجيل المُـحَـطـَّم .. جيل الضـَّيـاع و الهزيمة و الجهل و الخـَوَر ...! -وَ جيل الإباءِ وَ الفٍداء .. جيل المسجدِ و القرآن .. جيل الانتفاضة الإسلاميّة في فلسطين وأفغانستان و كشمير والبوسنة والشيشان .. و في كلِّ مكان !
© 2024 - موقع الشعر