أوراق الماضي - أحمد علي سليمان

اعشقي من شئتِ ، مات النغمُ
وارجمي بالنعل مَن يغتنمُ

عربدي في الأرض ، لا تنتبهي
سوف لا تأسى عليك القيم

والهثي خلف الدنايا ، واهزلي
وابذلي الروح لمن يبتسم

أنتِ في الدنيا فصامٌ نكدٌ
أنتِ في هذي البرايا صنم

أنتِ حُسن في الورى مُحتظِرٌ
وإذا حول القَوام الغنم

أنتِ عِرضٌ ضائعٌ منتهكٌ
شجّه - في العالمين - النهم

وجمالٌ يشرب الطيف هوىً
ورِضابٌ تحتويه الحُمَم

وشعورٌ في اللظى لم تحتجبْ
واشتهاءُ الإلف هذا ضرم

والخدين الكهل يسعى قدُماً
ليت شعري ، هل تزل القدم؟

وقليبٌ في الحنايا لجبٌ
والصدى في جوفه يرتطم

وشِفاهٌ في أسى نشوتها
بدد الإحساسَ فيها الألم

آه ، والنظرة منها شبحٌ
إنما حاز الجمالَ العجم

فوق هذا الوصف كانت سِمة
نبرات الصوت فيها رخم

باعها للمشتهي والدُها
ثم أرغى في جواها العدم

واشتراها المشتهي في شرهٍ
والأماني والتهاني قِسَم

ثم لم يدفعْ لذاك ابنته
بدلاً كان الزواجُ الشبم

عجباً كيف الحياة اندحرتْ
ثم غاصت في الحضيض الهمم؟

طاعنٌ في السن يحيا شبقاً
ارحم النفسِ ، أيا ذا الهرم

وترفق بمشيب نهم
بلظى العشق ، براه السأم

يا أبا العشرين أخبر قلمي
يكتب الأشعار فيك القلم

قد غزاك الشيب ، كن منتبهاً
صاح يوماً يحتويك الندم

كيف تحيا في ثرى أخيلةٍ
يزرعُ الأوهامَ فيها الصمم؟

فاطرح الشهوة ، قد ولى الصبا
وأجبني ، فيم هذا البكم؟

أيها الأشيب ، دع عنك الهوى
لك في كل المَخازي رقم

اترك الغادة هذي ، والجوى
عشقها - في قلبها - يضطرم

ولها في كل يوم موعدٌ
ولها في كل ليل زُلم

عشقتْ يا صاح ، لا تعبأ بها
وارمها ، كم في هواها رمم

وكوى العشاق فيها حسنها
فلماذا - اليوم لا تنتقم؟

كيف يحلو ، يا صديقي فمها
بعد عشق للهوى يلتهم؟

أإذا طلقتها تبكي أسى
وإذا الدمع إباء ودم؟

ارحم القلب أيا (قيس) الهوى
زمجرتْ في ناظريك النقم

ثم (ليلى) في هواها تنتشي
خربت بيتاً ، وغاض الرحم

كم تسلت برجال خدعوا
أرجحتها في هواها نعم

طلقت في التو ، قالت: مرحباً
غمة زالت ، وغار السقم

لم تسلْ في طفلتيها أبداً
وتلقاها الأسى ، والظلم

خيّم الشيطان في عالمها
إن خطب العشق - حقاً - عَمَم

وقسا القلبُ العطيبُ ، وانزوى
وغزت جوفَ الفؤاد التهم

وإذا الأفعى تحلي جُحرها
ولها في الكيد سُمٌ وفم

حسنها في كل عين لقمة
سلعة خانت ، وضاعت ذمم

ثم ربّتْ طفلتيها غادة
أنبت الإحساسُ فيها الكرم

زينة النسوان ، يكفي أنها
بين أهل الحى هذا علم

أحصنت فرجاً ، وكانت مثلاً
يا ابنة الأعراب أنت الحَرم

وإذا قالت ، فليست تفتري
صمتها الفياض نعم الكلم

حسنها خافٍ ، فليست سلعة
وحلاها - في البرايا - تمم

تكرهُ الذل ، ونارٌ ظلمها
وصداها - في الصبايا - رخم

تمقتُ الجور ، وإن كان الردى
ويَحار - في مداها - الفهم

صبرت صبراً ، على زير النسا
حبذا - يا (حَمْدُ) - هذي السيَم

كابدت في العيش ، عانت كربها
لا تطيق الصبرَ هذا الأمم

صدَقتْ في الحُب دهراً ، والوفا
ثم سادت بعد عز سُدم

ثم طال الليل ، يا آسرتي
ليلُ كيدٍ ، ليس فيه السلم

أحسني للطفلتين ، واصبري
لا يعاجلك الخطا ، واللمم

أنتِ فوق الغِل هذا ، فاصمدي
أنت بذلٌ - في الدنا - محترم

لا تقولى: طفلتا مَن عشقتْ
رجُلي ، والعشقُ لا ينكتم

فاعملي لله ، لا ترميهما
إنها ضنّت ، وأنتِ الكرم

أحسني ، فالدهر هذا دولٌ
عند (حَمْدٍ) مِن بَناتٍ حُزم

ولعل الدهر يُبلي غادة
ويُجازيها بمن ينتقم

قد يُعاديك (سُهيل) أو مُنى
ثم لا يُقريك إلا اليُتم

مثلما ربيت - قبلُ - غيرهم
وعطاء (الحمد) فيهم علم

فكذا ربّي الفتاتين ، ولا
تذكري الضرة ، أنتِ السلم

واذكري عهداً تولى بيننا
إن بالتذكار تُمحى الغمم

واحذري من ظلم طفل ، وارفقي
إن عُقبى الظلم حقاً ندم

واقبلي مني قصيدي ، والصدى
وعلى تغريدتي يُختتم

مِنة الرحمن أن سطرته
وبه إخلاصنا ينسجم

حمدُ فادعي الله لي لا تكسلي
إنني ضيفٌ ، وأنتِ الرحِم

© 2024 - موقع الشعر