أحن لقيثارة - محفوظ فرج

أحنُّ لقيثارةٍ
مثلَ عهدي بها لتُصَبِّحُني
بالقرنفلِ
والياسمينِ
أحنُّ لها رغمَ أنّيَ أعلمُ
بُعدَ السنينِ التي بينَنا
والمسافاتِ
إنا أقصى الجنوبِ ومسكنُها
هو أقصى الشمالِ
وَلكنَّها مَلكَتني بحبِّ العراقِ
وأوقعَني فيضُ تحنانِها بشِراكِ
هواها
كما هوَ عشقي لنخلتِنا الباسِقة
هيَ في غربةٍ
كم حدَّثَني عن احلامِها
تَلتقيني بواجهةِ الدار من خلفِنا
سدرةٌ نتَفيَّأ
في ظِلِّها
وكمْ عَلَّقتْني بمنطادِها
ونسيتُ الزمانَ واسمَ المكان
أحدِّقُ في وجهِها
وكأنّي في عالمٍ لا حدودَ لهُ
في السعادة
ملاكُ بلاد النخيلِ يضمُّ كياني
يعيدُ لشيخوخَتي
لحظاتِ صبايَ
أقولُ لها كيف أنتِ عثرتِ عليَّ
بهذا الخِضَمِّ ؟
تقولُ سألتُ بأحدى الحدائقِ
نارنجةً تتباهى بقدّاحِها
أينَ محبوبُكِ المستهامُ بِقَدِّكِ ؟
ليسَ يملُّ الغناءَ
بأغصانِك الوارفاتِ
بجذركِ غارَ
كما غارَ في حُبِّهِ ليَ
أين أراضيهٍ ؟
قالتْ : أدلُّكِ لكنْ عليكَ التَكتُّمَ
ما كانَ أوَّلَ من كَتَمَ الحبَّ
ها أنتِ في قربهِ
ذَهلتْهُ مفاتنُ حسنِكِ لم يقوَ
حتّى على القولِ
ما قدْ تمَنّاهُ أصبحَ
عينَ الحقيقة
 
د. محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر