أحن اليك و الابعاد دوني - حامد حسن معروف

إذا الشعرُ استفاضَ من الشُّعورِ
توهَّج في الحروفِ، وفي السُّطورِ
 
رثاؤُك من لَطى شهقات صدري
ومشبوبِ العواطف والزَّفيرِ!!
 
من الكنز المعبَّأِ من غلالي
من الدَّنِّ المعتّق من خموري
 
ومنْ لم يقضِ حقَّ بني أبيهِ
فكيفَ يعيشُ مرتاحَ الضَّميرِ؟
 
وهل يوماً رأوا منّي حساماً
بلا صقلٍ؟؟ وزنداً غيرَ مُوري؟
 
عرفتُك، كيفَ كنتَ تذودُ عنّي
ولم تعبأ بعاقبةِ الأمورِ!
 
تناصُرُني، وما بصرتكَ عيني
ولا سقطَ الخبيرُ على الخبيرِ!
 
ويا ابنَ محمَّدٍ ولأنتَ أدرى
بما في الأمرِ من حسدٍ و زُورِ
 
نثرتُ على دروبهمُ ورودي
وأهرقتُ المخبَّأ من عطوري
 
وما بطرُ الشَّباب وإن تمادی
تناهی بي إلى صَلَفِ الغرورِ
 
أتحرقُهمْ -وما أشعلتُ- ناري؟
وتُسكُر كرمتي قبل العصيرِ؟
 
وحقِّكَ لو تكشّفتِ الخفايا
لکنتَ -وكلُّ من عذلُوا- عذیري
 
إذا جحدَ الأميرُ صريحَ حقّي
فحقّي أن أثورَ علی الأميرِ!!
 
وأيَّةُ رهبةٍ لشموخِ "رِضوى"
إذا انكفأتْ على قدمي "ثبیرِ"؟؟
 
سأغلقُ كلَّ مُتّجهٍ، ودربٍ
يسيرُ بنا إلى الجدلِ المثيرِ!!
 
هل الجدلُ العقيمُ أتاحَ يوماً
لنا ما عندَ "کسری اردشیرِ"؟
 
سأطرحُ النَّظيمَ من القوافي
وأقلعُ عن مزاولةِ النَّثيرِ!!
 
صحبتُهما، وما ملكتْ يميني
علی سعةِ المدى شروى نقيرِ!!
 
كلانا في الإسارِ وأيُّ جدوى
إذا سخر الأسيرُ من الأسيرِ؟!
 
إذا اغتبتَ الصَّغيرَ وإن تمادی
عليك، فأنتَ أشبهُ بالصَّغيرِ
 
ويضحكُ شامِتاً "هيُّ بنُ بيٍّ"
إذا انتقصَ الفرزدقُ من جريرِ
 
أحنُّ إليكَ والأبعادُ دوني
حنينَ الظامئينَ إلى الغديرِ
 
تجاوزني الرَّبيعُ، وأسلمتني
يمينُ الزَّمهريرِ إلى الهجيرِ
 
وشيبي بعد ضاحكةِ التّصابي
غدا أضحوكة الرَّشأ الغريرِ
 
وصار شعاعُ مصباحي خفيتاً
وكاد يجودُ بالرَّمقِ الأخيرِ
 
ومن أربى على السَّبعين صارتْ
به الدُّنيا إلى سوءِ المصيرِ
 
أمرُّ على القبورِ، وأيُّ صمتٍ
يكون أمرَّ من صمتِ القبورِ؟؟
 
وقبرُكَ لو مرغتُ به جبيني
لعدتُ وفي يديَّ رشاشُ نورِ
 
إذا عبرتْ به النَّسماتُ ناءتْ
بما حملته من نُفَحِ العبيرِ!
 
ويغرقني الشَّذيُّ من الغوالي
فهل أسريتُ في اللَّيلِ المطيرِ؟؟
 
متى يَعِدنَّ "يوسفُ" والديه
ويعهدُ "بالقميصِ" إلى "البشيرِ"؟
 
يقالُ: هناكَ في الجنَّاتِ حُورٌ
وما جدوى الجنانِ بغيرِ حُورِ؟
 
لهنَّ على الرَّفارفِ ألفُ نجوى
وبوحٌ في الأريكةِ والسَّريرِ!!
 
ولكنْ هلْ يَسُرْنَ بلا حجابٍ
ويرتدنَ الجنانَ بلا خفيرِ؟؟
 
هل الأبرارُ في النُعمى غياری
تجادلُ في التَّحجُّبِ والسُّفورِ؟
 
تحجَّبتِ الحقيقةُ واستكانت
فيا موؤدةَ التاريخِ، ثُوري
 
ويا ابنَ محمّدٍ، والدَّهرُ تَخفى
عواقبُه على غيرِ البصيرِ
 
وأحلام ُ الهناءة غادرتني
مخافةَ شرِّ يومٍ مُستطيرِ
 
لنا ما في شقاءِ الكوخِ .. لكنْ
لهمْ تَرَفُ "الخَورْ نَقِ والسَّديرِ"
 
وأينَ من القصورِ صقيعُ كوخٍ
ونومٌ في الشِّتاءِ بلا حصيرِ؟
 
وننتعلُ القتادَ، ونرتديه
ویُدمي بعضهم مسُّ الحريرِ!
 
إذا ماتوا، وصلَّينا، أطلنا
ونختصرُ الصَّلاةَ على الفقيرِ!!
 
أخيفهمْ بأشعاري کأنّي
أخيفُ البدرَ لكن ... بالصَّفيرِ
 
أخافُ بأن یکونَ غدٌ مريراً
وبعدَ غدٍ أمرَّ من المريرِ
 
وأمسُ بني أبيكَ، صليلُ قيدٍ
إذا رسفوا به، وثقیلُ نِيرِ
 
وما يُدريكَ أن تحتلَّ يوماً
بُغاثُ الطيرِ أعشاشَ النُّسورِ؟
 
و خيرُ النَّاسِ من خَبرَ الليالي
و حاذرَ من مُفاجأةِ النَّذيرِ
 
إذا ذكروكَ، أو ذكروا لِداتي
أكادُ أغصُّ بالماءِ النَّميرِ!!
 
ترفُّ مع الصَّبيحةِ في خيالي
وطيفُك في دُجا ليلي سميري
 
إذا لم تكتحلْ برُؤاكَ عيني
ففي شِعري أراك، وفي شُعوري
© 2024 - موقع الشعر