تلقفك اللطى

لـ حامد حسن معروف، ، في الرثاء، 2

تلقفك اللطى - حامد حسن معروف

لَثوبُك ، إن ثوبك أرجوانُ
تهيّب أن يطيف به الزمانُ
 
تلقّفك اللظى بطلاً شهیداً
وماتَ على أريكته الجبانُ
 
فللنَّسمَ الروائح والغوادي
عليك وحول قبرك مِهرجانُ
 
إذا عبرت به اختضبت يداها
ورنّحها الصِّبا ، والعنفوانُ
 
حنوتُ أضمّه ألقأ ، وطيباً
لأن الفجر حولك دیدبانُ
 
أتيت إليك يحملني حنيني
وأصدق مايجيش به الحنانُ
 
إذا قلت : الشهيدُ انهلَّ فجر
على شفتيَّ ، واعتذر البیانُ
 
عطاؤك لا الزمان يُحيط فيه
على سَعَة الزمان ، ولا المكانُ
 
خبأتُك في السريرة ، في الحنايا
وتخبيءُ نشوة العِنَب الدنانُ
 
وهذا الشاطىء الخضِلُ المدمّى
تعندم رمله ، والصحصحانُ
 
وكان - ومايزال - له حنين
وشوق للشهادة ، وافتتانُ
 
وظل له ، لكل كثيب رمل
علی شطآنه خطر ، وشانُ
 
وقيل : مشت مواكبه حزانی
إليك ، وصدّق الخبرَ العيانُ
 
أخذتَ رقیق طبعك من هواه
فرفُّ نسیمه عَطِرٌ لِيانُ
 
وعلّمنا شموخك كيف ندّت
لتسكن جارة القمر القِنانُ
 
فهل نزل الربيع نديّ ظلّ
هناك ؟ وهل تبرجّت الجِنان ؟
 
وهل حليت ، ونیسنت الروابي
أم افترش السفوح الزعفرانُ ؟
 
وسقسق جدول الوادي ، وغنّى
وضاحك عدوتيه الأقحوانُ ؟
 
يبعثرنا اللظى مِزقاً بديداً
ويضحك من تمزّقنا "فلانُ"
 
وتشهق في الدُجا مُهج الثكالى
وتغنج في أسرّته الحسانُ
 
إذا استبقَ الجيادُ ، فأيّ بدع
يطالعنا ، إذا حرن الأتانُ !!
 
يعوّق ركبنا عن غايتَيه
شِماس في المسيرة ، أو حِرانُ !!
 
غداةَ توقّد "الجولان" کنّا
على وهج الشفار ، فأين كانوا ؟
 
يُبعثرنا اللظى فهنا ذراع
ضريج في الثرى ، وهنا بنانُ
 
تباروا يخطبون ، ولست تدري
يقيناً من يُدين ، ومن يُدانُ
 
إذا انكفأوا ، إذا عجزوا سلاحاً
فما عجز الخيال ، ولا البيانُ
 
ولم نُخدع بما وعدوا ، وكنا
على حذرٍ ، وجاء الامتحانُ
 
وما وهنت عزائمهم .. ولكن
أذلّ من الهوان . من استهانوا
 
ولولا أننا عرب ، وإنِّي
أغار على العروبة قلت : خانوا !!
 
بلادي مارج ، ولهيب نار
فلا انطفأت ، ولا انقشع الدخان
 
أتغفو القدس هانئة ، وفيها
يصرّ ، يفحّ ، ينهش أفعوانُ ؟؟
 
تجرّح ناغمُ الأجراس فيها
وصار كأنه النوح الأذانُ
 
هنا ، وهنا تخلّعت البغايا
هنا ، وهنا تأطّرت القِيانُ
 
هنا "بطلٌ" على بردى وجند
غِضاب ، لا استكانَ ، ولا استكانوا
 
إذا انفجر الحميم ترشَّفوه
وإن وطأوا لظى اللهب استلانوا
 
إذا بطر الزمان وغاضبوه
تضرَّع يستتيبهم الزمانُ !!

مناسبة القصيدة

إلى روح الشهيد الشاب عدنان مخلوف
© 2024 - موقع الشعر