حبيبي رسول الله - محفوظ فرج

أعودُ إلى خمسينَ عاماً تواصلتْ
رأيتُ بها ما راقَ لي في حدودِها

فمدرسةُ الهادي(١) أحبُّ فضاءَها
ومَنْ عَلَّموني في ديارِ سعودِها

وطابتْ إلى عينيَّ رؤيةُ دجلة
وكمْ أنتشي في منظرٍ لسدودِها

بكليةِ الآدابِ(٢) شَتّى مفاتن
بفسحتها الخضرا وعطرِ ورودِها

وجلستِنا للدرسِ في كلِّ حُصَّةٍ
كأنّا ملكنا الأرضَ حينَ ورودِها

يحاضرُ في شوقٍ علينا مفوَّهٌ
من العُلما يعطي سبيلَ مرادِها

ومن حولِنا ترنو إلينا جآذرٌ
نواهدُ يسبينا جميلُ قدودِها

من الخَفِراتِ الفاتناتِ خرائدٍ
أمَنّي فؤادي في عبيرِ خدودِها

وَلَمّا حباني اللهُ عيشاً ببرقةٍ(٣)
رأيتُ جنانَ الحسنِ بين نجودِها

على جبلٍ (شحات)تبدو عروسةً
فأشجارُها فيها الهناءُ بجودِها

رأيتُ بها آياتُ ربّي جمةً
فسبحانَهُ وَسْمُ الجمالِ بخودِها

إذا ما انحدَرْنا نحوَ سوسة سَبَّحتْ
هنالك أمواجٌ لحسنِ برودِها

فقد أسفرتْ وازَّيَنَتْ بربيعها
وغزلانِها قد أذهلتْ بِشرودِها

ومعهدِها كمْ قد كواني فراقُهُ
وكمْ هزّني التبريحُ نحو عهودِها

فهمتُ وأشجاني الذي قد ذكرتُهُ
وهاجَ بي الشوقُ القديمُ لرودِها

ولكنّني في كُلِّ ما قد رأيتُهُ
وتيَّمَ قلبي ماضياتِ رقودها

فما هوَ عندي بالغاً عُشْرَ حسرتي
لرؤيةِ أرضٍ طابَ فضلُ شهودِها

بها المسجدُ النبويُّ قلبي تركتُهُ
يسائلُ روحي عن غريبٍ وعودِها

ألَم تقطعي عهداً إلىَّ بعودةٍ
لأحلى المغاني راكعاً بحشودِها؟

تردّدُ من قدّام عيني معالمٌ
لأركانِهِ برءٌ لجمعِ وفودِها

فلمْ تلقَ أقدامي مَحَطّاً لموضعٍ
بهِ وجدتْ ما تبتغي في سجودِها

سوى روضةِ الهادي البشيرِ محمدٍ
شفيعٍ بيومِ الحشرِ خيرِ وجودِها

حبيبي رسولَ اللهِ عشقي رحابه
يظلُّ بأنحائي عبيرُ خلودِها

فصلّى عليهِ الله ما هبَّتِ الصَّبا
وما مالتِ الأغصانُ منها بعودِها

وآلٍ وصحبٍ بددوا بعزيمةٍ
كتائبَ شركٍ أوقعوا بجنودِها

د. محفوظ فرج
١- هي مدرستي الابتدائية في سامراء تخرجت فيها ١٩٦٦م

٢- كلية الآداب / قسم اللغة العربية / جامعة بغداد تخرجت فيها ١٩٧٦م
٣- برقة تقع شرق ليبيا فيها الجبل الاخضر وعليه تقع مدينة شحات وفي سفحة سوسة كنت هناك ١٩٩٩ - ٢٠٠٠م

© 2024 - موقع الشعر