أبي

لـ محفوظ فرج، ، في الرثاء، آخر تحديث

أبي - محفوظ فرج

أبي
أبي ظلَّ يحيى ما حييتُ محاوري

كأنَّ لهُ روحاً بفكري وخاطري
يعيشُ معي في كلِّ حرفٍ كتبْتُهُ

ويرشدُني إمّا تَعكَّرَ حاضِري
معي في شرودي وانتباهي وهفوتي

وحينَ أغالي في التكاسلِ زاجري
أباهي به الدنيا بانّي وجدتُهُ

على الرغمِ ممّا فيه قد كانَ ناظري
أرى منهُ ما تعيا الرؤى في بصائرٍ

فسبحانَ من أعطاهُ طيبَ المآثرِ
حباهُ إلهُ الكونِ أقوى بصيرةٍ

تنيرُ لراءٍ تاهَ خلفَ الدياجرِ
له هِمَّةٌ لا تنثني بإرادةٍ

تَفَوَّقَ فيها بين كلِّ مُعاشرِِ
لقد حفظَ القرآنَ سمعاً وعمرُهُ

صغيرُ له الرحمن خيرُ مناصرِ
ومن حُبّهِ للعِلمِ ظلَّ مواصلاً

أساتيذُهُ كانوا منَ اعلى المصادرِ
بذاكرةٍ تحوي مكاتبَ جَمَّةً

وفي الشعرِ والآدابِ أرقى مُناظِر
خبيرٌ بأوزانِ الفصيحِ جميعِها

ومعرفةِ الازجالِ كالبحرِ زاخرِ
هنائي بقربي منهُ في كلِّ محنةٍ

ملاذي إذا ضاقتْ عليَّ مصائري
فما كانَ يوماً ردَّ عنّيَ مطلباً

طلبتُ وإلا كانَ خيرَ مُبادرِ
وإنْ حالَ ما بيني وبينَ فراقِهِ

لقاءٌ فمنهُ طابَ فيضُ مشاعري
ومذْ كنتُ طفلاً ظلَّ يروي تَعَطُّشي

إلى اللغةِ الفصحى بكلِّ العناصرِ
فحبَّبَ لي القرآنَ أولَّ مرةِ

وجادَ بفكرٍ بالفضائلِ عامرِ
إذا قلتُ في مدحِ الرسولِ قصيدةً

عليه صلاةُ اللهِ فهوَ مجاوري
تربّى على مدحِ النبيِّ وآلِهِ

بقولٍ وإنشادٍ وذكرٍ لذاكرِ
ومن أجلِ ذا أدّى المقاماتِ كلِّها

واتقنَها في حبِّ أكرمِ طاهرِ
وما زالَ مَدحُ الهاشمي بنظمِهِ

على ألسنِ المُدّاحِ بينَ الحواضرِِ
وشاهدُهُ في القبرِ ساعةَ دفنِهِ

بمسكٍ - تبدَّت تربة اللحد - سائرِِ
وأذهلَ مَنْ قد شيّعوهُ جميعُهم

تَضَوُّعُ ذرٍّ من شذاها بعاطرِ
© 2024 - موقع الشعر