عَناقِيدُ النَّدَى - محمد عبد الحفيظ القصّاب

عَناقِيدُ النَّدَى
------------

خَفَقَ الفُؤادُ لِكُلِّ حُسْنٍ قَدْ بَدا
فَأَحادَهُ عَنْ كُلِّ هَدْيٍ يُقْتَدَى

وأَصابَ ذاكَ الدَّاءُ مِنِّي مَضْعَفِي
وحَوَى بِكُلِّ مُصِيْبَةٍ بِيَ مَنْفَدا

والدَّاءُ داءُ الشَّوقِ ليسَ يَعافُنِي
حتى أنالَ مِنَ المَنِيَّةِ مَوعِدا

لو تَعْلَمِينَ مَساوِئِي ومَحاسِنِي
لَرَضِيْتُ ما تَقْضِينَ لِي مُتَنَهِّدا

ومَساوِئِي أنِّي أَهِيْمُ بِما أَرَى!
ومَحاسِنِي أَنِّي وَلُوعٌ بالنَّدَى!

يَرْتاحُ مِنكِ الغَيْمُ بَعْدَ بُلُوغِهِ
حَدًّا يَكادُ لِصَبِّهِ أنْ يُرْعِدا

إذْ تَهْطُلِينَ على الوُرُودِ جَمالَها
ونَعِيْمَها ولِكُلِّ حُسْنٍ قَدْ شَدا

فَتَوَلَّعَتْ وتَحَمَّلَتْ فِيمَا هَوَتْ
وتَسارَعَتْ تُلْقِي لِوَهْنٍ بالنَّدَى

فَهَوَيتِ يَلْقاكِ الفُؤادُ مُرَحِّبًا
مُتَضَرِّعًا بِمَلاكِهِ أنْ تُنْجِدا

لا تُحْسِنُ الألفاظُ وَصْفَ مُحِبِّها
حتى تَذوبَ بِمَدْمَعٍ منهُ ابْتَدَى

ومَدامِعِي فوقَ الأَدِيْمِ يَنالُها
فإذا لِدَمْعِي في الأَدِيْمِ تَوَرَّدا

هذا لِأَنَّ جَوانِحِي مُلِئَتْ بِها
وكذا مَلَكْتِ العُمْرَ مِنِّي مُفْتَدَى

لو تَعْلَمُ الأطْيارُ عَنِّي في الجَوَى
وتَقَلُّبِي بَينَ اللَّيالِي سُهَّدا

حَمَلَتْ فُؤادِي مِنْ لَواعِجِهِ إلى
مَنْ لا تُبالِي بالهَوَى لو غَرَّدا

قَدْ تَعْجَزُ الكَلِماتُ أنْ أرْمِي بِها
فِيما أَتُوقُ بِهِ وأنْ تَتَمرَّدا

لَكِنْ هَوايَ إليكِ ظاهِرُ رَسْمِهِ
وشَذا عَبِيرُ فَواحِهِ نَضْبُ الرَّدَى

---------------
طفلُ الحرف(15)

(16)
محمد عبد الحفيظ القصاب - 90

© 2024 - موقع الشعر