هل فيكم من واقف متفرس - البحتري

هَلْ فيكُمُ مِنْ وَاقِفٍ مُتَفَرِّسِ،
بَعدي على نَظَرِ الظّبَاءِ الأُنَّسِ

أثّرْنَ في قَلْبِ الخَليّ مِنَ الجَوَى،
وَمَلَكْنَ مِنْ قوْدِ الأبيّ الأشْوَسِ

مِنْ كُلّ مُرْهَفَةِ القَوَامِ غَرِيرَةٍ،
جُعِلَتْ مَحَاسِنُهَا هَوًى للأنْفُسِ

تَغْدُو بعَطْفَةِ مُطْمِعٍ، حتّى إذا
شُغِلَ الحَليُّ ثَنَتْ بصَدْفةِ مُؤِيسِ

شاهَدْتُ أيّامَ السّرُورِ، فَلَمْ أجدْ
يَوْماً يَسرُّ كيَوْمِ دَعوَةِ يُونُسِ

أدْنَى مَزَارٍ وَسْطَ أحْسَنِ بُقْعَةٍ،
وأجَلُّ زُوّارٍ لأبْهَى مَجْلِسِ

في رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ يُشرِقُ نَوْرُهَا،
تُسْقَى مُجَاجَاتِ الغُيُومِ البُجَّسِ

فَخَرَ الرّبيعُ على الشّتَاءِ بِحُسْنِها،
وَكَفَى حضُورُ الوَرْدِ فَقْدَ النّرْجسِ

لا تَسْقِيَانِي بالصّغِيرِ، فإنّهُ
يَوْمٌ تَلِيقُ بِهِ كِبَارُ الأكْؤسِ

إسْعَدْ، أمِيرَ المُؤمِنِينَ، بِدَوْلَةٍ
تَغدُو عَلَيْكَ بكُلّ حَظٍ مُنفِسِ

فَلِحُسْنِ وَجْهِكَ في القُلُوبِ مَحَلّةٌ
خُصّتْ إلى جَذَلٍ، بها مُتَلَبِّسِ

بَدْرٌ لَنَا، فَمَتَى عَرَتْنَا وَحْشَةٌ
جَلّيْتَهَا بِضِيَاءِ وَجْهٍ مُؤنِسِ

© 2024 - موقع الشعر