أطلب النوم كي يعود غراره - البحتري

أطلُبُ النّوْمَ كَيْ يَعودَ غِرَارُهْ
بخَيَالٍ، يَحلُو لَدَيّ اغْتِرَارُهْ

كَمْ تَلاقٍ أرَاكَهُ، مِنْ قرِيبٍ
صِلَةُ الطّيفِ طارِقاً وَازْدِيارُهْ

وَهيَ في حِلْيَةِ الشّبابِ يضَاهي
جِدّةَ الرّوْضِ، مُشرِقاً نُوّارُهْ

صِبغُ خَدٍّ يكادُ يَدمى احمِرَاراً
وَرْدُهُ في العُيُونِ، أوْ جُلّنارُهْ

وَفُتُورٌ مِنْ طَرْفِ أحوَى إذا صرّ
فَهُ أعْنَتَ القُلُوبَ احْوِرَارُهْ

أُنْسُهُ للعِدَى، وَمَا ليَ مِنهُ ال
يَوْمَ إلاّ اسْتيحَاشُهُ، وَنِفَارُهْ

جارُهُ الله، حيثُ حل، وَإنْ لمْ
يُجْدِ نَفْعاً مَقالَتي: الله جارُهْ

لَيتَ شِعرِي ما حُجّةُ الدّهرِ فيهِ
أمْ لماذا اعتِلالُهُ وَاعتِذارُهْ

وَوَزِيرُ السّلطانِ يَمْلِكُ أنْ يَخْ
لُصَ لي رِقّةً، وَتَدْنُو دِيَارُهْ

أوَْقَارٌ مِنْهُ، فمِن نَقصِ حظّي
حِلْمُهُ دُونَ بُغيَتي، وَوَقارُهْ

يا أبَا غانِمٍ! أعِدْ فيِ قَوْلاً
يَفِضِ البَحْرُ، طامِياً تَيّارُهْ

لمْ يكُنْ وَعْدُهُ بَعيداً مِنَ النُّجْ
حِ، وَلا مُبطِئاً يَطولُ انتِظارُهْ

نَيْلُهُ قَصْرَةٌ عَلَيْكَ، وَكَافٍ
لَكَ دونَ اقْتِضَائِهِ اذّكَارُهْ

يُعظِمُ المَالَ مَعشَرٌ، وَأرَى المَا
لَ بحَيثُ ازْدِرَاؤهُ وَاحتِقارُهْ

نَفَقَ الشّعرُ، بَعدَ ما كانَ عِلقاً
فاحشَ الرُّخصِ، مُكسدينَ تجارُهْ

جامِعُ المَكرُماتِ، إذْ باتَ يأبا
هُنّ جَمعُ البَخيلِ، وَاستِكثارُهْ

بَيّنَ الجُودَ بِشْرُهُ وَأرَانَا ال
عَفوَ منهُ عَلى العُداةِ، اقتِدارُهْ

وَتَقَرّى آثَارَ مَصْقَلَةَ البَكرِيِّ
حَتّى تَجَدّدَتْ آثَارُهْ

رَجَعَتْ مَكرُماتُهُ، قَبلَ أنْ تَرْ
جعَ مَبنِيّةً، على العَهدِ، دارُهْ

أحْوَذِيٌّ، إذا تَمَهّلَ في الرّأ
يِ أرَاكَ الصّوَابَ كيفَ اختِيارُهْ

مُوشكٌ عَزْمُه، وَمن حَسَبِ السّيْ
فِ إذا هُزّ أنْ يُهَزّ غِرَارُهْ

وَفّرَ الفَيْءَ، وَهوَ حُرُّ الصّفَايَا
وَحَبَا ذا العَفَافِ فيهِ خِيَارُهْ

مُنهِضُ الزّحْفِ للمُعادينَ يَبْدُو
حَثُّ سَرْعانِهِ، وَيُبْنَى مَنَارُهْ

زَعْزَعَ الغَرْبَ ذِكْرُ يوْمٍ تَوَارَتْ
شَمْسُهُ وَاكتَسَى سَوَاداً نَهَارُهْ

وَعَلى خَيلِهِ أُسُودٌ، عَلَيْهَا
حَلْقٌ يَدْرَأُ السّلاحَ مَدارُهْ

مَعَهُ الحَزْمُ، وَهوَ من شدّةِ الإقْ
دامِ يُخشَى تَغرِيرُهُ، وَخِطارُهْ

بَذَلَ القَوْمُ رَهنَهمْ خوْفَ لَيثٍ
أثّرَتْ في عُداتِهِ أظْفَارُهْ

وَهُمُ الصّادِقُونَ بَأساً، وَلكِنْ
أُلْقِيَتْ في كُبَارِ أمْرٍ كِبَارُهْ

© 2024 - موقع الشعر