العُبُورْ

لـ فاضل سفّان، ، بواسطة فاضل سفّان، في غير مُحدد

العُبُورْ - فاضل سفّان

العُبُورْ
إلى روح الشاعر خليل حاوي
"يعبرونَ الجسرَ"
ما مرّتْ على أحداقِهم
ذكرى جنونِ النهرِ في نيسانَ
عندَ الفجرِ يجتاحُ الثنايا
ويغنّي زحمةَ التيار مجهوداً
إذا هلّت تباشيرُ الندى عند الضحى
ترقُمُ وجْهَ الأرضِ بالنُعمى
على همسةِ مَعْمودٍ
يزفُّ الشوقَ موّالاً بليداً
تتوالى دبكةُ الوِلدان
تستقبلُ زهوَ البيدرِ المعمورِ
صوبَ الضفّةِ الأُخرى
حِذاءَ الجسرِ
ما نامتْ على سَوْرةِ مخمورٍ
ولا دمعةِ خاسرْ
وصلاةُ الليلِ
تَستمطرُ زخّاتِ الهدايا
صيحةُ الثكلى تلاشتْ
غبَّ صمت النهرِ
يومَ اعتكرتْ خمرةُ بابلْ
وتوارت غضبةُ الكِبْرِ
طواها الخوفُ في همس السُّرى
تقتسمُ الهمَّ مناياها
ويجري النهرُ أشلاءً سُكارى
هدّها الموجُ
وراحت تترع الوادي رُقىً
ضلّتْ على الدربِ خطاها
شوّلَ الشطُّ
وجفّت سرحةُ الصبيانِ
وانهدَّ سريرُ النهرِ
يرتجُّ مزاميرَ وهمساً سبايا
لم يعدْ في الأُفقِ للسوسن أطيافٌ
ولم يحفلْ بأسراب القطا كرْمٌ
توارت قُبّراتُ الأمس عن حقلي
تولاّها النحيبُ المُرُّ
يجترُّ مع الغافينَ
دمعاً "وحكايا"
أمتي ألفُ غَوٍ
يستاقُها للذبحِ
أن حطّت على الضفّةِ
ترتادُ "حزامَ الأمنِ"
في صمتِ العشايا
ما انتخت في رَبْعنا
للضَيْمِ خنساء
ولا غنّتْ على الأشلاءِ
"هندُ" القوم في فرحِ اليتامى
بعدُ ما زالت صلاةُ العيدِ
تُتْلى في رِحابِ "البيت" عندَ الذبْحِ
تستنطقُ ظلَّ الأمسِ
ينهدُّ (أبو سفيان) مزهواً
ولم يثأرْ
"فللبيت" إلهٌ
قد يقايضُنا
إذا كنا نعدُّ القولَ عن أحلامِ مفؤودٍ
إذا الميزان شالْ
أين ضاعت صرخةُ الكِبْرِ
أراقتْها مَهاةُ الحيِّ
إذْ تصرخُ "وامعتصماه"
لم يزل في روضِنا رجْعٌ من الدمعِ
يطلُّ اليومَ معموداً
نواري سرَّه الغافي
على أرباضِ (حرمونَ)
حشودُ الرومِ
تمتدُّ سماءً صعبةَ المَرقاةِ
تغتالُ رؤانا
ليلةُ الميلادِ
لم تبرحْ ضفافَ النهرِ
إذْ يُقبلُ يومُ العيدِ
في ثوبٍ جديدْ
عندها تهتفُ للشوقِ
وقد حانَ العبور
عام 2000
© 2024 - موقع الشعر