يجسدك الحنين - حامد حسن معروف

بكيتُهما ، نديَّكَ و الرُّبوعا
عشيَّة شيَّعاكَ و يوم ريعَا
 
حملتُ إليهما كبداً وجيعاً
ليؤنسَ منهما كبداً وجيعا
 
و ما بخلا عليَّ ، وبادلاني
على اللَّهف المرارةَ و الدُّموعا
 
تتابعت المواكبُ من لِداتي
وأعجزُ أن أكون لها تبيعا
 
إذا ما انتابَ طيفُهمُ جفوني
أرقت ، ولم أنم إلَّا هزيعَا
 
و بتُّ أسلسلُ الذِّكرى حناناً
وأسمع من حنينهمُ رجيعا
 
ذبحتُ على قبورهمُ فؤادي
فعطَّرها ، و خضَّبها نجيعَا
 
و أنذرني رحيلكَ يا عليٌّ
وحوَّلَ دفءَ أيامي صقيعا
 
إذا استسقيتُ أوردني حميماً
على ظمأي ، وأطعمني ضريعا
 
وهل شاهدتَ ذا ظُفُرٍ و نابٍ
يغيثُ ويرحمُ الحملَ الوديعا ؟
 
قوافلُ لستَ أوَّلها رحيلاً
وصحبٌ لستَ آخرهمْ صَريعا !!
 
فكيفَ الدَّهرُ أنهبَكم وروداً
مُنَضَّرة ؟ وأطفأ كم شموعا ؟؟
 
ومن حبس البلابلَ َأنْ تُغنّي ؟
ومن منع الخمائل أنْ تَضوعَا ؟
 
وهل من شافعٍ يدني عليَّا
لنلتمسَ الشَّفاعةَ والشفيعا ؟؟
 
يجسِّدكَ الحنينُ لديَّ طيفاً
و روحاً تلتمسُ القلبَ الصَّديعا
 
أحسُّ بها ترفُّ على الحزانى
وتصحبُ في مسيرتها الجُموعا
 
أحالَ الشعبُ يومكَ مهرجاناً
وأحسن يوم كرَّمكَ الصَّنيعا
 
إذا عُدَّتْ مكارمَ كلِّ قومٍ
تبوأ آلكَ الشَّرفَ الرَّفيعا
 
أرى التَّاريخ كرَّمهم أصولاً
على التَّقوى ، وباركهُم فروعا
 
لهم ما يرتأون . وكم عصّيٍ
غدا لوليِّ أمرهمُ مُطيعا !!
 
وخيرُ النَّاس من حملوا ضميراً
قويما لا يباعُ ، ولن يبيعا
 
ويجمع بيننا نسبٌ قُرابٌ
نُدلُّ به على الدُّنيا جميعا !!
 
طلعت على النَّديِّ فكنتَ نجماً
نديَّاً ضوا الأفقَ الوسيعا
 
ونيسنَكَ الشَّبابُ فكنتَ فينا
ربيعاً ،يغمرُ الدُّنيا ربيعا
 
تذودُ عن العروبةِ غير وان ٍ
وتُنزلُها المحاجرَ والضُّلوعا
 
لثمنا القبر قبرك يا عليٌّ
فكنَّا مثل من لثمَ "البقيعا"
 
وغيَّبكَ الثَّرى ألقاً و طيباً
و وجهاً علَّمَ الشَّفق الطُّلوعا
 
وأمرعَ من مدامِعنا ثراهُ
ولم أرَ قبلهُ جدثاً مريعا
 
وقفتُ حيالهُ لهفاً جَزوعاً
وأعذر إن وقفت بهِ جَزُوعا
© 2024 - موقع الشعر