عذرا أبا الحسن - حامد حسن معروف

نمَّ العبيرُ ونمَّ طیب العنصرِ
عمَّن توسَّدَ في الضَّريحِ الأنورِ
 
أنا في ندیِّكَ یا "عليُّ" مطوِّفٌ
وكأنَّني بين "الصَّفا" و "المشعرِ"
 
قبَّلته و مسحتُه فعلى يدي
شفقٌ وفي شفتيَّ طعمُ الكوثرِ
 
طافَ اللِّداتَ به ويؤْجَرُ منهمُ
حرُّ الضَّمير وغيرُه لم يؤجَرِ
 
ويُجَّنُ بي لهفي إليكَ ولوعتي
حتَّى أكادُ أراكَ بينَ الحُضَّرِ
 
ولقيتني في اللَّاذقيِّةِ وانقضى
عامٌ على اللُّقيا وبضعةُ أشهرِ
 
ورأيتُ وجهك والصَّباحَ فلم أقلْ
من بعدها للشَّمسِ : يا شمسُ اسْفرِي !!
 
أتصوَّرُ اللُّقيا وطيبَ حديثنا
فأكادُ أغرقُ في نعيمِ تصوُّري
 
خُلَسٌ منَ النُعمى ولم يتبقَّ لي
منهنَّ إلَّا لوعةُ المتذکِّرِ
 
أطيافُهنَّ عبرنَ بي وكأنَّها
أطيافُ "علوةَ" في جفونِ "البُحتري"
 
عذراً "أبا حسن ٍ" وما قلمي وما
أدبي، وما شعري إذا لم تعذرِ؟
 
لا تسألنَّ عن الخلاف وإنْ تسلْ
خُذْهُ ولكنْ منْ صحيح ِ المصدرِ
 
نشرَ الإشاعةَ "قیصرٌ" وأذاعها
بعضُ الصغارِ صغارِ جندِ "القيصرِ"
 
أنا ما افتريتُ على "الإمامِ" ولم أحدْ
عن نهجهِ، لعنَ الإلهُ المفتري
 
لولا "ابن أحمد" لم يطبْ أدبي ولا
شعري ولم يصبحْ حديث السَّمرِ
 
لولاهُ ما انسكبَ البيانُ على ثرى
أدبي وزهرُ خمائلي لم يُثْمرِ
 
قولوا لمنْ نشرَ الدِّعايةَ وامترَى :
أنا فوق ما زعم الدَّعيُّ الممتري
 
أنا لا أضيقُ بقولِ ذي حسدٍ فخذْ
من عرضنا ما شاءَ طبعُك أو ذرِ
 
أنا لا أحكمُ "قیصراً" فينا ولا
"کسری" ولا "النُّعمان ابن المنذرِ"
 
أيظنُ أنَّ بني أبي في كفِّهِ
بعضُ الدُّمى أو خاتمٌ في الخنصرِ؟
 
ما أنتَ إلّا واحدٌ لم تختلفْ
عنَّا فإنْ جاوزتَ حدَّك فاحذرِ
 
لم يعرف التَّاريخُ عيباً واحداً
أو بعض عیبٍ في سُلالةِ "جوهرِ"
 
لم تلقْ فيهمْ من يمينُ ويمتري
ويبيعُ في سوقِ الضَّلالِ ويشتري
 
لو رحت تنفقُ كلَّ عمرك جاهداً
في البحثِ عن هنةٍ لهمْ لم تعثرِ
 
وتراهم يمشونَ هوناً في الثَّرى
و أراكَ تمشي مشيةَ المتكبِّرِ
 
فإذا تغيَّرت الحياةُ فلا تضقْ
صدراً بروح ِ العالمِ المتغيّرِ
 
لولا الهوى وروابطُ القربى وما
بيني وبينكَ من ولايةِ "حیدرِ"
 
لقطعتُ منك أواصري وأبيتُ أنْ
ألقاكَ حتّى في زحامِ المحشرِ
 
ورأيتُ عتبك أو عتابَك مُنكراً
أو أنَّه من بعضِ بعضِ المنكرِ
 
عفواً "أبا حسنٍ" ومعذرةً إذا
ما اهتزَّ تحت يديَّ عطفُ المنبرِ
 
علَّمتَني معنى الإباء ، وقلتَ لي :
كنْ صادقاً واصدعْ برأيكَ واجهرِ
 
واعبرْ حياتَك مطمئنّاً تاركاً
أثَرَين من قدميكَ فوقَ المعبرِ
 
أنا ما طمعتُ وصاحبي أثرَى ولم
يشبعْ وعشتُ قناعتي فأنا الثَّري
 
أيسوؤَهُ أنَّي بكيت على ثرى
(عبد اللَّطيف حبیب) و (ابن الخيِّرِ) ؟؟
 
الشَّاعرانِ المُبدعانِ ولم يضقْ
بالشِّعر ذرعاً غيرَ من لم يشعُر
 
نزل العلى في ساحتيْ بيتيهما
فإذا نزلتهما نزلتَ (المشتري)
 
والشِّعرُ من نسب الكرامِ وأهلهُ
أهلي وسُمَّاري هناك ومعشري
 
عذراً (أبا حسنٍ) وما قلمي وما
أدبي وما شعري إذا لم تعذرِ ؟
 
غمَّستُ باللَّهبِ المذيبِ قصيدتي
وسكبتُ قلبي فوق هذي الأسطرِ
 
فيها لظی کبدي ووهجُ عواطفي
ومرارةُ الشَّكوى وذوبُ السُّكَّرِ
 
فيها من الشَّفقِ الذَّبيحِ رشاشةً
ورشاشتان من الأصيلِ الأشقرِ
 
نزل الشِّتاءُ على هزيمِ رعودهِ
فيها ونيسانُ الرَّبيعِ الأخضرِ
 
خذْها (أبا حسن ٍ) إليكَ سُلافةً
من غيرِ كرمةِ (حامدٍ) لم تُعصرِ
 
لو قارفَ الورعُ التَّقيُّ علالةً
من خمرتي لأجازَ شربَ المُسكرِ
 
والشَّاعرونَ الملهمُونَ و كلُّ من
غصبَ اللآليء ، من مخابيءِ (عبقرِ)
 
سكروا وخمرُ دنانهم من كرمتي
و غلالُ خبزِ بيوتهم من بيدري
 
شعرٌ جمعت بهِ الزَّمانَ وما به
فإذا الحياةُ قصيدةٌ في دفتري
 
وغفرتُ ذلَّةَ من أساءَ وإنني
مثلُ المسيءِ إليَّ إن لم أغفرِ
© 2024 - موقع الشعر