الروح الطليق - حامد حسن معروف

لجَّ الحنينُ بهِ فطارَ طليقا
روحٌ رأت سعة البريَّةِ ضيقا
 
ظمئتْ لحاليةِ النَّعيمِ وزهوهِ
فمشتْ تشقُّ إلى الخلودِ طريقا
 
وحنتْ عرائسُه تضمُّ محمَّداً
وكأنَّما ضمَّ العشيقُ عشيقا
 
عاطینَه غزلاً كضاحكةِ الصَّبا
سحراً - كما سمح الهوى – وغبوقا
 
اسبلن لألاءَ الصَّباح ِ غلائلاً
ولهونَ بالشَّفقِ النَّديِّ خُلوقا
 
أترعن كاسك في خمائلِ عبقرٍ
وترکنَ من خلفِ الجدار فريقا
 
حدّثْ عن المُتع العذاب و زهوِها
وأطلْ حدیث نعیمِها تشويقا
 
وصف الجمال ألذَّ من فتنِ الضُّحى
والحبَّ ممدودَ الظِّلالِ وريقا
 
سقيا لحالية الدُّعابِ رشيقةٍ
عَبثتْ فجاذبتِ الوشاحَ رشيقا
 
رفَّ الفمُ العبقُ الشَّهيُّ وما درى
رشفَ السُّلافةَ أم ترشَّف ريقا ؟
 
وأذاب في وضحِ التَّرائبِ قُبلةً
جمدتْ على البرعومتين عقيقا
 
وأنيقةِ نشوى الدَّلال طروبةٍ
تدعو إلی سمرِ العشيِّ أنيقا
 
أبدتْ لفاتِنها النِّفارَ وأرسلتْ
طیفاً علی غفلِ السُّهادِ طروقا
 
لولاكَ ما عذبَ النَّعيمُ ولا رأتْ
عينٌ من الأملِ الشَّهيِّ بريقا
 
دنيا كما شاءتْ خیالةُ مبدع ٍ
فتنَ العقول وأحكم التَّنسيقا
 
أغراكَ بالنُّعمى وأحدثَ دونها
مهوىً - كما شاء الخيالُ – سحيقا
 
والعقلُ همَّ بها فأسدلَ دونه
ستراً على وجهِ الصَّوابِ صفيقا
 
والقلبُ في رغباتهِ ومُيولهِ
نبذَ الجدالَ وآثرَ التَّصديقا
 
يا جار جانحتيَّ أيةُ رغبةٍ
طفقتْ تهزُّكَ فاستطرتَ خُفوقا ؟
 
ما للوجوم علی نديِّ محمَّدٍ
وعهدتُه خضلَ الرِّحابِ طليقا ؟
 
السَّامرُ الثّملُ الفؤاد من المُنى
كسر الربابَ وحطَّمَ الإبريقا
 
والسَّاحرُ النَّغماتِ أخرسَه الأسى
وأحال قهقهةَ السُّرورِ شهيقا
 
وعذاب أيامٍ كحاليةِ الرُّؤى
أمسى نضیرُ جدیدهنَّ خلیقا
 
منْ يطلعُ الأدبَ الجديدَ منضَّراً
ويديرُ من مُتع.ِ الحديثِ رحیقا ؟
 
منْ كلِّ عاطرةِ البیان جلوتُها
عذراءَ فالتفتَ الزَّمانُ مشوقا
 
لم يُبكها الطَللُ الخليُّ ولم تقلْ
یا راقدي "سمراتِ رامَ أفيقا"
 
لكَ منّتان إذا جزيتُك عنهما
إلَّا بما ترضى أكونُ عقوقا
© 2024 - موقع الشعر