قصيدة عطر الوردة فى مجاراة البردة - محمد عمر عثمان

قصيدة عطر الوردة
فى مجاراة البردة

أَمِن حَنِينٍ لِحَجِّ البَيتِ و الحَرَمِ
نثرتُ دَمعاًمِنَ العَينين ِكالدِّيمِ

إِذ لَاحَ فِى خَاطِرِى طَيفٌ لِكاظمةٍ
و حَاجِرٍ و النَّقَا و البَانِ و العَلَمِ

فِى لَيلَةٍ كَانَ فَيهَا السُّهدُ يَصحَبُنِى
والوَجدُ فِى مُهجَتِى يُملِى عَلَى قَلَمِى

أَم مُقلَتِى ذَرَفَت مِن لَهفَةٍ عَرِمَت
مِن فَيضِ شَوقٍ مُقِيمٍ غَيرِ مُنصَرِمِ

ومِنَ الحَنِينِ الذى زَادَت دَوَافِعُهُ
إذ هاجت الرِّيحُ مِن تلقاء ذِى سَلَم

وذَكَّرَتنِى بِرُؤيَا لستُ أُغفِلُهَا
فَيهَا وِصَالٌ مِنَ المَحبُوبِ ذِى الكَرَمِ

وَ لَم أُذِع سِرَّها إِذ كُنتُ أَكتُمُهُ
عَنِ الوُشَاةِ و لَا أُبدِيهِ فِى الكَلِمِ

نَعَم جَرَى الدَّمعُ مِن عَينِى فَأَرَّقَنِى
وَ أَبعَدَ النَّومَ عَن جفنى فَلَم أَنَمِ

مِن لَهفَتِى وَحَنِينِ الشَّوقِ حِينَ طَمَا
لَمَّا تَذَكَّرتُ رؤيا الوصل فِى الحُلُمِ

وَكُنتُ مِن قَبلِهَا مازِلتُ فِى لَعِبِى
أَلهُو وَ أَمرَحُ فِى الوديَانِ والأَكَمِ

وفِى شَبَابِىَ لَم أَرقَى إِلَى ورَعٍ
مُؤَيَّد بِعُلُوِّ القَصدِ و الهِمَمِ

ولَم أُجَاهِد هَوَى نَفسِى فَمَا رَجَعَت
عَن طَرِيقِ اللَّوَى وَالطَّيشِ وَالنَّدَمِ

وَ كَم ألفتُ التباهى مِن جَهَالَتِهَا
ومَا شكرتُ عَلَى الآلاءِ والنِّعَمِ

وَكَم صَحِبتُ الأَمَانِى من حماقتها
و مَا صبرتُ عَلَى البلواءِ و السَّقَمِ

وكَم فعلتُ المعَاصى مِن غوايتهَا
فِى خَلوَةٍ عَن عُيُونِ النَّاسِ كُلِّهِمِ

لَكِنَّ ذَنبِىَ لَم يَطغَى عَلَى ذممى
وَ فِى فُؤَادِى غَرَامٌ غَيرُ مُنفَصِمِ

أقسمتُ أنى محبٌّ و الحبيبُ له
مَناقبٌ قَد عَلَت فى القَدرِ والعِظَمِ

وَ فِى سَمَاءِ العُلَا تَمَّت فَضَائِلُهُ
وحاز مكارمَ الأَخلاقِ والشِّيَمِ

وجَوهرُ الحُسن فى إشراقِ طلعته
فريدٌ فى المزايا غَيرُ مُنقَسِمِ

وفى قَصيدِ الهَوى تَعلو مَدائِحُهُ
وَ طَابَ مَادِحُهُ فِى الحِلِّ وَالحَرَمِ

وأَتى ربيعٌ بذكرى يومِ مَولِدهِ
فَطُوبى لِمُحتَفِلٍ بها مِنَ النَّسَمِ

وطُوبَى لمبتهجٍ لَم يُخفِ فَرحَتَهُ
بمولدِ المختار الطَّاهرِ العَلَمِ

وكم جَرت من أمور عِندَ مَولدهِ
دلَّت عَلَى وصفِ المولودِ بالعِظَمِ

الشام قد ظهرت فى النور قُصورُها
و غَرَّدَ الطيرُ فى الأَجواءِ بالنَّغَمِ

وانشق إيوانُ كِسرَى رَمزُ دَولتهِ
فى لَيلَةٍ بشَّرَت بالخيرِ للأمم

و انهَزمَ الزُّورُ والبُهتانُ تَابِعَهُ
وصَاحَ إِبليسُ مِن الأحزان و الأَلمِ

و هتفت الجنُّ والأملاكُ فى فرح
و لاحَت دلائِلُ الخيراتِ والنِّعَمِ

وأَقبَلَت نَسماتٌ تحملُ الأَرَجَ
وَتَنشُرُ العِطرَ فى الأجواء والنسم

يا لائمى لا تلمنى فى محبته
واسمع مديحى له فى صادق الكلم

مُحمَّدٌ رَحمَةُ البَارى ونِعمتُهُ
وخيرُ داعٍ إلى التوحيدِ والقِيَمِ

مُحمَّدٌ كاملٌ طَابت مَكارمُهُ
و جَاءَنا مَدحهُ فى سُورَة القلَمِ

مُحمَّدٌ سيد جَلَّت مراتبهُ
وكانَ يأمُرُنا بالوصَلِ للرحَمِ

مُحمَّدٌ صادق تمَّت منازلهُ
وكانَ يُوصينا بالحفظِ للذِمَمِ

مُحمَّدٌ ناصحٌ وفَّت مقالتهُ
و كَان يُرشِدنا بالوعَظِ والحِكَمِ

فاقَ النبيينَ فى مجدٍ وفى شَرفٍ
ولم يُدانوهُ فى جُودٍ وفى كَرَمِ

ولم يدانوهُ فى جَاهٍ وفى رتب
ولم يُدانوهُ فى عِلمٍ وفى حِكَمِ

وصلُّوا خَلفهُ فى المسجدِ الأَقصى
وطلَبوا مِنحةً مِن فَيضهِ العَمِمِ

هُوَ الرَّسُولُ الَّذِى عَمَّت هِدَايَتُهُ
وأَرسَلَهُ ربُّهُ للنَّاسِ كُلِّهِمِ

هُوَ الحَبِيبُ الَّذِى تَمَّت مَحَبَّتُهُ
لِكُلِّ أَحبَابِهِ مِن خِيرَةِ الأُمَمِ

هُوَ الشفيع الَّذِى تُرجَى شَفَاعَتَهُ
فِى يَومِ حَشرٍ للأَقوَامِ وَالنسم

هُوَ الوجيه الَّذِى فَازَت بِرُؤيَتِهِ
قلوبٌ صَارت من الأشواقِ فى ضَرَمِ

هو الطبيبُ الذى سَعِدت بحكمتهِ
نفوسٌ باتت مِن الإيمان فى نِعَمِ

هَوَ الزكى الَّذِى عَلَت مَكَانَتُهُ
وسَعت إليهِ أشجارٌ بلا قدَمِ

البَدرُ شُقَّ لَهُ و الناس قد شهدوا
إِشرَاقَ مُعجِزَةٍ فِى شِدَّةِ العَتَمِ

كم أبرأت سَقمَاً بركاتُ دعوتهِ
وأبرأت يَدهُ وصِبِاً من الأَلمِ

وَلَيتَنِى كُنتُ مِن أَوفَى صَحَابَتِهِ
و كنتُ لجنابهِ من جُملةِ الخدَمِ

ومدحٍته بقصيد فَوقَ مِنبرهِ
`وَمَدَحتُ عِترَتَهُ فِى سَاحَةِ الحَرَمِ

وصَافَحتُهُ بِيَدِى فِى خيمة نصبت
وصار قلبى من الأفراح فى نعم

و لَعَلِّنِى بمَدِيحٍ طَيِّبٍ عَطِرٍ
للمُصطَفَى طاهر الأَخلاقِ والشيِمَ

قَد صِرتُ ذا نِسبَةٍ إِلَيهِ زَاهِيَة
أنجو بهَا فى غَدٍ مِن زلةِ القَدمِ

و مَن تكُن لرَسُولِ الله نسبتهُ
تراهُ آمناً فى الوديانِ والأكمِ

ورايةُ النَّصرِ تزهُو فَوقَ هَامتهِ
إن يلقهُ الوحش فى أَدغاله يهمِ

إِنِّى رَعَيتُ عَلَى دَرب الهَوَى ذِمَمِى
وصيانةُ العهدِ والميثاقِ مِن شيَمَى

وَمَدَحتُ خَيرَ الوَرَى بالشِّعرِ مُجتَهِدَاً
وطَوبِى لِمَادِحَ خَيرِ العُربِ والعَجَمِ

وفى عَالمِ الذَّرِ إنى إِلتقيت به
مِن بِعدِ عَهدٍ خَلَا مِن صِيغَةِ القَسَمِ

وَنَظرَةٌ مِنهُ أَهدَت مُهجَتِى فَرَحَاً
و نَظرَةٌ مِنهُ زَادَتنِى مِنَ النِّعَمِ

وَبَاتَ شُوقِى لَهُ فِى مُهجَتِى عَرِمَاً
لَمَّا تَذَكَّرتُ وَ صْلَ الطَّاهِرِ العَلَمِ

ياسَيدى يارَسُول الله خُذ بيدى
بشفاعةٍ عِندَ ذى الإِنعَام الكَرَمِ

وخُصنى بدعاءٍ مِنكَ يا سَندى
يَعفو بهِ عَن ذُنوبى بَارئُ النَّسَمِ

وَجُد لِقَلبِى بِوَصْلٍ مِنكَ يَاعَلَمٌ
وأَعطِنِى مِنحَةً مِن فَيضِكَ العَمِمِ

مَولاى صلِّ وسلِّم دائِماً أبداً
عَلىَ الحبيبِ وأهلِّ الحُبِّ كُلِّهِمِ

وَ اغفِر لِنَاظِمِ بُردَةِ المَدِيحِ بِمَا
أَبدَاهُ فى صَادِقِ الأَمدَاحِ من كَلِمِ

واعفُ عَن مَادِحِى المُختَارِ مِن مُضَرٍ
و جُد لهم بالهنا و الخير والنِّعَمِ

خادم شعراء المديح / محمد عمر عثمان
أحدث تعديل فى ٢٥ / ٣ / ٢٠٢٤

© 2024 - موقع الشعر