وحدي - أحمد علي سليمان

أَنَا فِي مِحنتي وَحْدِي
أناغِي في الدُّجَى لَحْدِي

ولا خِلٌ ، ولا حِبٌ
وغَالى الفَرْحُ في البُعْدِ

وكلُّ النَّاسِ مِنْ حَوْلِي
شُخُوصٌ لا تَرَى سُهْدِي

وصَحبِي في الأسَى فَرُّوا
وفيهم قد خَبَا قَصْدِي

فَفِي يُسرِي أَخِلاَّئِي
وفي عُسرِي ثَرَى وَأدِي

وكَمْ أَبكِي ، ولا سَمعٌ
وأشكو حُرقَةَ الفَقْدِ

وكَمْ أعدُو علَى رأسي
أقُاسِي لَوعَةَ النَّقدِ

وقَدْ أسْرَفتُ فِي أمرِي
حَسِبْتُ الفصلَ للعَبْدِ

وإنَّ العَبْدَ مَخْلُوقٌ
وقدْ أخطأتُ فِي عَدِّي

فَلاَ أصْحَابَ لِي أصلاً
سوى الخوَّانِ للعَهْدِ

بَلاءُ المَرْءِ في عَينٍ
يُصيبُ الرُّوحَ بالوَقْدِ

كَشَفْتِ الصَّحْبَ يَا عَينِي
ومَن فِي البَطْشِ كَالأُسْدِ

ومَن فِي السَّاحِ مَحرُورٌ
ومَنْ فِي الهُزْءِ كالقِردِ

أُعَانِي مِن لَظَى عيْني
وأبكي كَرْبَها وَحْدِي

وربُّ الخَلْقِ شَافِيهَا
وما عِندي سِوىَ الحَمْدِ

فَفِي يُسْرِي ، وفي عُسْري
أرى التحميدَ كالبَرْدِ

يَصُبُّ الوُدَّ في قَلْبِي
ويمحُو صَوْلةَ الرَّعْدِ

دَعَوْتُ اللهَ ، لَمْ أيأس
ودِنْتُ الصَّحْبَ عَنْ عَمْدِ

أَلا مَنْ يَصْطَبِرْ يُفْلِحْ
ويحصدْ حِسْبَة الجُهْدِ

وَمَنْ يَعْجَلْ ينلْ ريثًا
ويفقدْ طُعْمَةُ الجِّدِّ

وإنَّ الصَّحْبَ أنواعٌ:
فنوعٌ مَوْرِدُ السَّعْدِ

يُزِيلُ الهَمَّ والسُوأى
ظريفُ الحُسْنِ كالوَرْدِ

جَوَادٌ في العَطَا دَوْمًا
وما للحُبِّ مِنْ حَدِّ

حَلِيمٌ إنْ عَوى كلبٌ
يُذيبُ الحِلْمَ فِي الرُّشْدِ

ونوعٌ ما لَهُ نِدٌّ
وبِئسَ النِّدُ مِنْ نِدِّ

فَفِي الأفْرَاحِ مأساةٌ
يُغطِّى مِعْوَلَ الحِقْدِ

عَنِ الأنظَارِ والدنيا
فيا وَيْلِي مِنَ الوَغْدِ

أَثُعْبَانٌ ، ولا ندري؟
وكَمْ غَالَيْتُ فِي ذَوْدِي

وَكَمْ بَالغْتُ فِي مَدْحي
ظننْتُ الوغدَ لِي زِنْدِي

وَكَمْ أَسْرَفْتُ فِي ظنِّي
خَلاقٌ خِلْتُه بُرْدِي

يَمِينًا أَنْتَقِي صحبي
مِنَ الأصحابِ بالكَدِّ

تَجاريبٌ ، ومِعْيَارٌ
بلا يأسٍ ، ولا صَدِّ

وأَحْيَا في سَنَا صَحْبِي
أُناجي ذِرْوَةَ المَجْدِ

وأسعى في تَساميهم
وثوبي العزُّ كالبُرد

جَوادُ النفس معطاءٌ
.«عزيز النفس». كالبَند

أريدُ الخيرَ للدنيا
وأرجو جَنة الخُلد

فليست مطمحي الدنيا
ولا الإفسادَ في البُلْدِ

وليست غايتي ليلى
لأحيا في جَوى الوَجد

فإني أبذر التقوى
وغيري جَدَّ في الحَصد

وأُعطي النُّصح مَن حادُوا
وغيري جَدَّ في الحَرد

وأَقضي الليل مُلتاعًا
على الأذكار والوِرد

قيامُ الليل ناقوسي
وغيري ضلَّ بالنَّرد

على ذنبٍ مضى أبكي
ولا أبكي على هِند

© 2024 - موقع الشعر