ويمضي الزمان - أحمد علي سليمان

مَرَّتِ الأَّيامُ ، والنَّفْسُ أَسِيفَة
تجْبُرُ المأسَاةَ في العَيْنِ الضَّعِيفَة

وتذُرُّ الكَرْبَ في نَحْر الليالي
وتُناجي في الدجى عَينًا طَرِيفَة

إيهِ ، يا عَيْنا قَلاهَا الضوءُ دهرًا
ثمَّ تاهتْ في الدياجيرِ الكَفِيفَة

يَشْهَدُ الرحمنُ أنِّي فِي عَنَاءٍ
أسْكبُ الأحزانَ فِي الآه الأَسِيفَة

وأُسَلِّي العَيْنَ فِي الأحزان هذي
بعدَ عامٍ مَرَّ مِنْ جُرحِ العَفِيفَة

أَظْلَمَ الكَوْنُ ، وغطَّتْني شُجُوني
ذهَبَتْ في التِيهِ أَحْلاَمٌ رهِيفَة

مُقْلَةٌ كمْ أمتعتْنِي بالعَطَايا
مُقلةٌ كمْ أبصَرَتْ نُورَ الصَّحِيفَة

ليتَ شِعْرِي كيفَ كانت في حَيَاتي
كوكبًا يمحو عذاباتي الكَثِيفَة؟

وجَمَالاً في جبيني شَمْسَ عِزٍّ
وبَهاءً ، كاليَوَاقيتِ الظَّرِيفَة

وضِيَاءً يَمْلأُ القلبَ ازدهاءً
غادة كانتْ تُسَلِّيني طَريفَة

آهِ لَوْ خُيِّرْتُ مَا اخْتَرْتُ عَذَابي
ولمَا فرَّطْتُ في عيني اللَّطِيفَة

لَكِنِ الأَقْدارُ فَوْقَ الكُلِّ سَيْفٌ
ذاكَ مَسْطُورٌ بآيَاتٍ شَرِيفَة

وقَضَاءُ اللهِ فَوْقَ الكُلِّ حَتْمًا
أدركتْ مَغْزاهُ ألْبابٌ نَظِيفَة

عَيْنُ هذا مِنْ قضَاء الله صِدْقًاً
ليْس يُنْجي مِنْ قَضَاءِ اللهِ خِيفَة

بَذَلَ المَخْلُوقُ مَا اسْطَاعِتْ يداهِ
فلمَاذا الدَّمْعُ يَا هَذي الأَلِيفَة؟

مَرَّ ذاكَ العَامُ دهرًا ، صَدِّقيني
ثمَّ ذابَ القلْبُ في البَلَوى الطَّفِيفَة

فِتَنُ الدُّنْيا على قلبي رُكَامٌ
غابَ عنْ سمْع الوَرَى نُورُ الخَلِيفَة

وقَراطِيسُ الهُدَى ضاقتْ علَيْهِ
والبَقَايا فِي الدَّهَالِيزِ المُخِيفَة

وبَرايَا لا تَخَافُ اللهَ جَهْرًا
وأراهَا للشياطينِ حَلِيفَة

عَيْنُ أنتِ فِي نَعِيمٍ صَدِّقيني
قد حُجبْتِ اليَوْمَ عَنْ رِجْسٍ وجِيفَة

إنْ رأَيْتِ القَوْمَ لا ، لنْ تَغْبِطِيهم
خَذلوا التوحيدَ عَمْدًا والحَنِيفَة

إِنْ رأَيْتِ الآن أشبَاحًا وظَلاًّ
لا تخافي ، لكِ في المَأْوَى وظيفة

فاصْبِري يَا عَيْنُ كوني في ربَاطٍ
واعمَلِي للعِزِّ فِي الدَّارِ المَنِيفَة

وازْهَدِي في هذه الدنيا كثيرًا
ليسَ تَهْوَاهَا سِوَى الرُّوح السَّخِيفَة

© 2024 - موقع الشعر