غابة يرسمها القريض - أحمد علي سليمان

بِفَحْوَاكَ الوَدُوْدُ السَّاجِيةْ
تَصَوَّرْ يا قَرِيضِي الهَاوِيةْ

وَمُجَّ الحِبْرَ فِي قِرْطَاسِهَا
وَحَبِّرْ بِاليرَاعِ القَافِيةْ

وَأَوْغِلْ فِي الأَمَانِي وَالمُنَى
وَصَوِّرْ بِالدَّوَاةِ الطَّاوِيةْ

وَجُدْ بَالنُّوْرِ كَثِّرْ عِطْرَهُ
وَجِدَّ السَّيرَ نَحْوَ البَادِيةْ

أَلا يا رُوْحَ شِعْرِي غَرِّدِي
وَكُوْنِي بِالوَصَايا دَارِيةْ

وَإِنَّ الضَّيفَ شِعْرِي وَالصَّدَى
وَرُوْحِي لِلتَّحَايا صَاغِيةْ

وَهَاتِي الشَّهْدَ زَهْرًا يُشْتَهَى
وَهَاتِي اللَّفْظَ كُوْنِي وَاعِيةْ

دِنَانُ الشَّعْرِ دُوْنِي عَجِّلِي
وَصُبِّي الشِّعْرَ فِي ذِي الآنِيةْ

وَكُوْنِي النُّوْرَ فِي لَيلِ الدُّجَى
وَكُوْنِي الصَّحْبَ عِنْدَ الدَّاهِيةْ

عَجِيبٌ أَنْ يُوَارَى شِعْرُنَا
قَوَافِي الشِّعْرِ أَمْسَتْ دَامِيةْ

وَصَدْرُ البَيتِ فِي صَدْرِي خَبَا
وَرُوْحُ البَيتِ أَمْسَتْ نَائِيةْ

وَأَطْيافُ الهَوَى تَهْجُو الحِمَى
وَتَقْتَاتُ الظِّلال الآنِيةْ

وَدَمْعُ العَينِ فِي القَلْبِ اكْتَوَى
بِنَارِ البَينِ تِلْكَ العَاتِيةْ

وَوَهْجُ الوَهْمِ أَدْمَى أَضْلُعِي
بِرُمْحِ العَينِ تِلْكَ الجَافِيةْ

وَشِعْرِي فِي القَرَاطِيسِ اشْتَكَى
وَأَلْقَى مِنْهُ لامَ النَّاهِيةْ

أُنَاغِي فِيهِ مَجْدًا شَارِدًا
فَأَلْقَى مِنْهُ لامَ النَّافِيةْ

وَإِنَّ الشِّعْرَ يكْوِي أَضْلُعِي
بِأَلْفَاظٍ تَعَالَتْ هَاذِيةْ

وَمَا أَذْنَبْتُ لَكِنْ صِدْقُهُ
عَلَى مِثْلِي سَتَبْكِي البَاكِيةْ

وَإِنَّ الدَّرْبَ أَعْياهُ النَّوَى
وَحَالُ الجَمْعِ بَاتَتْ جَاسِيةْ

أَفِي الغَابَاتِ نَحْيا يا تُرَى؟
أَبَاتَ الصِّدْقُ بَلْوَى قَاسِيةْ؟

أَيُمْسِي المَرءُ طُعْمًا سَائِغًا
وَتُرْدِيهِ الخُطُوْبُ الطَّاغِيةْ؟

أَيغْدُو آكِلاً لَحْمَ الوَرَى؟
أَذُؤبَانٌ تَزِيدُ الدَّاهِيةْ؟

أَيطْغَى دُوْنَ حَدٍّ عَاقِلٌ
وَيحْيا كَالوُحُوْشِ الضَّارِيةْ؟

عَلَى سَاقَينِ يسْعَى الوَحْشُ لا
يُبَالِي مِنْ حَدِيثِ الغَاشِيةْ

وَفِيهِ الرُّوْحُ مَاتَتْ وَالنُّهَى
تَرَدَّى فِي نَعِيمِ الفَانِيةْ

وَيرْضَى العَيشَ ظُلْمًا كُلَّهُ
حَياةٌ بِالمَعَاصِي دَاجِيةْ

وَيهْذِي فِي بَلايا ظُلْمهُ
وَيخْتَرعُ الزُّيوْفَ الوَاهِيةْ

يُدَاجِينَا ، وَيسْعَى هَازِلاً
وَيُزْجِي فِي التَّدَاجِي حَاشِيةْ

وَيمْضِي فِي سَرَابٍ بَائِدٍ
لَهُ فِي الهَزْلِ فَحْوَى طَافِيةْ

كَذَاكَ الفِيلُ فِي الغَابِ انْزَوَى
وَحَياتٌ خَبَتْ فِي زَاوِيةْ

وَبُوْمُ الغَابِ يؤذِيهَا الضِّيا
وَيُشْجِيهَا الدُّجَى كَالغَانِيةْ

فَتَعْرُو فِي الخَفَا كَيلا تُرَى
أَبَاتَتْ سُنَّة ذِي جَارِيةْ؟

نُمُوْرٌ تِلْكَ نَحْيا بَينَهَا
وَتَطْوِي لَحْمَنَا كَالمَاشِيةْ

أَمَانَاتٌ لَوَتْهَا أَكْلُبٌ
تُحَابِي فِي البَوَادِي عَاوِيةْ

وَحَقٌ ضَاعَ مِنْ أَصْحَابِهِ
وآمَالٌ لِهَذَا خَاوِيةْ

وآسَادٌ لَهَا أَوْجُ الذُّرَى
وَغِزْلانٌ تُرَائِي غَاوِيةْ

تَعِيشُ الأُسْدُ ، إِنَّا لَلْفِدَا
وَتَحْيا أَنْسُرٌ فِي عَافِيةْ

كَذَاكَ الذِّئْبُ يحْيا بَاسِمًا
وَيطْوِي بِالنُّيوْبِ العَاتِيةْ

وَلَمْ أَشْهَدْ كَأَفْعَى غَابَةٍ
لَهَا فِي كُلِّ وَادٍ حَامِيةْ

فَلاَ حزنٌ وَلاهَمٌ إِذَنْ
حَياةُ تِلْكَ جِدًّا شَافِيةْ

فَيا هَذِي الضَوَارِي ، أَبْشِرِي
وَعِيشِي العُمْرَ هَذَا لاَهِيةْ

بَقَاءٌ صَارَ لِلأَقْوَى لِذَا
يمُوْتُ الكُلُّ ، أَنْتِ البَاقِيةْ

وفِي شَمْسِ النَّهَارِ اسْتَأْسِدِي
لَكِ الدُّنْيا إِمَاءٌ عَانِيةْ

وَمَنْ أَعْطَى أَمَانًا سَاذجٌ
وَأَثْمَانُ النَّوَايا غَالِيةْ

سَيُطْوَى لَيسَ ينْجِيهِ الجَوَى
وَيُرْمَى فِي ظُرُوْفٍ قَاسِيةْ

لِذَا فَاسْمَعْ وَصَايا مُخْلِصٍ
تَذْأَبْ تَنْتَعِشْ بِالعَافِيةْ

وَكُنْ لَيثًاً بِقَلْبٍ مُوْقِنٍ
وَحَاذِرْ مِنْ عُيوْنٍ سَاجِيةْ

وَدَقِّقْ فِي تَصَارِيفِ الوَرَى
وَعَاشِرْ كُلَّ نَفْسٍ زَاكِيَةْ

وفِي كُلِّ الأُمُوْرِ احْسِمْ ولا
تُمَاطِلْ مَنْ تَغَابَى ثَانِيةْ

فَقَدْ سَادَتْ ضَوَارِي غَابَةٍ
وَلَمْ تُصْبِحْ لِحُرٍّ نَاحِيةْ

© 2024 - موقع الشعر