غابة أم بشر

لـ قاسم حداد، ، بواسطة قاسم حداد، في غير مُحدد

غابة أم بشر - قاسم حداد

غابة أم بشر
 
هذي الوجوه التي تأرجح أحداقها
 
في زجاج الفضاء
 
بهجة أم كدر.
 
( 2 )
 
تقدم
 
نعد لك الأعراس و المراثي،
 
تقدم
 
تقدم.
 
( 3 )
 
كلما وضعت عليك عضوا
 
لئلا تصيبك الوحشة،
 
انتابتني النصال،
 
النصال كلها.
 
ها جسدي يكاد أن يذهب
 
مشغوفا بك،
 
و أنت في الفقد.
 
( 4 )
 
الوجوه، الوجوه
 
استعارت حيادا من الماء
 
استدارت لتخلع أقنعة من هواء.
 
الوجوه
 
الوجوه.
 
( 5 )
 
كأنه يسمع،
 
كأنه يرى.
 
( 6 )
 
يا زهرة الناس،
 
كلما وضعت يدي عليك
 
غاصت كأنها في ريشة السديم.
 
جرحك جهة
 
تحج إليها الجيوش
 
وتتدفق فيها الأنهار،
 
ويصاب بالفقد
 
كل باسل
 
يتوهم النصر،
 
أو يتوسم الهزيمة.
 
( 7 )
 
لك النهر و شكله،
 
الريح وقميصها الأخير.
 
أخرج من النوم
 
واخرج عليه،
 
تصادف طرقا مسقوفة بالرعب،
 
فاحرسها بزعفران المرايا.
 
( 8 )
 
لنا دلالة الحزن،
 
والدم درج لمراراتنا،
 
لا النيران تغسل القميص،
 
لا الذئاب تألف الجب،
 
لا البحر يسعف السفن،
 
و لسنا للنسيان.
 
( 9 )
 
بلادك أيها المجنون،
 
ساحة حربك الأخرى،
 
خطيئتك الجميلة،
 
فانتخب أعداءك الفرسان
 
قاتل وانتظر واهدأ،
 
فهذي وردة للكأس
 
سوف تقول للأطفال عن جسد
 
تماثل واصطفى موتا
 
وأبكى غفلة النيران.
 
( 10 )
 
هنيئا للذي يلهو به يأس
 
ويحرسه رماد غادر
 
و يقول للموتى : صباح الليل،
 
يهذي.
 
ساعة الهذيان تفضح موت موتانا
 
وتمنح كل مرآة خيانتها.
 
صباح الليل للموتى..
 
إذا ماتوا.
 
( 11 )
 
تسألنا الأرض عن العرس الذي وعدنا به،
 
فنتلعثم ونختلج.
 
أفواهنا مملوءة بالتراب،
 
لا نعرف هل كنا نقبل الأرض
 
كي تصفح عن سهونا
 
وغفلة قلوبنا ،
 
أم كنا نكبت صرخات الذعر.
 
( 12 )
 
حوذينا الجميل،
 
إرفق بنا وصدقنا.
 
يا حوذينا الأرعن الجميل،
 
ليس ثمة سفيرة في انتظار خيولك،
 
غير هذه القلوب المرتعشة.
 
يا حوذينا ذو الاسم الباهر.
 
إرخ لخيولك قليلا،
 
و اصغ لزفيرنا المكتوم،
 
واغفر لنا كل ذلك الحب.
 
( 13 )
 
كل هذي الوجوه الصغيرة نعرفها،
 
واحداً واحداً
 
و الطيور الحبيسة مشحونة بالمرايا
 
وموعودة بالصور،
 
تأمل ،
 
ستلمس غبطة أغصانها
 
وهي تحنو على النهر مكتظة بالشجن،
 
تأمل ،
 
لأكتافها خصلة
 
سوف تبني عليها العناصر أحلامها،
 
واحداً واحداً.
 
كلما هيأ القتل والقيد أسطورة،
 
فز في شمعدان الطفولة وقت الصلاة.
 
انتظر أيها الفارس الرخو ،
 
هذي الوجوه الجميلة تعرفها،
 
فانتظر.
 
( 14 )
 
كل هذا الهزيع الأخير من الوقت
 
يدعى بلادا ومستقبلا،
 
كله الآن يمتد مثل التراتيل.
 
من مات قبل الطقوس له جنة،
 
ومن لم يمت لا يموت.
 
في مهب النهارات يكبو على التل ،
 
هذا هو الطين
 
تحت العذاب.
 
انتظر أيها الفارس الرخو،
 
هدهد لأبنائك المترفين بأشلائهم،
 
علهم يصبرون قليلا على الموت.
 
قل لأحجارهم :
 
إن هذا الهزيع الأخير من الوقت،
 
هذي الجهات الكثيرة محصورة
 
في هزيع من الموت،
 
لو يصبرون قليلا عليه
 
... قليلا عليه.
 
( 15 )
 
ماذا سيبقى
 
عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل
 
ماذا يختفي فينا،
 
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي
 
وطير الروح
 
ينتظر احتمالا واحدا للموت.
 
كنا نغني حول غربتنا الوحيدة
 
كالعذارى في انتحاب الليل،
 
كنا نترك النسيان يأخذنا على مهل
 
لئلا نفقد السلوى ،
 
لم نعرف مكانا آمنا للحب.
 
لم تكن أخطاؤنا أغلى من الأبناء،
 
كابرنا لكي نخفي هوانا عن معذبنا
 
مدحنا يأسنا، متنا،
 
وسمينا اختلاج الروح تفسيرا،
 
تقمصنا الهواء.
 
ماذا سيبقى
 
عندما تنهال جمرتنا الخفية في هواء الليل
 
ماذا يختفي فينا،
 
وهذا ماؤنا الدموي يستعصي
 
وطير الروح
 
ينتظر احتمالا واحدا للموت.
 
( 16 )
 
أيها الباب الموارب غير مكترث
 
تواضع برهة و ارأف
 
و صدقنا قليلا،
 
أيها الباب الموارب غير مكترث بنا
 
اغفر لنا واسأل وصادقنا قليلا.
 
هل تمادينا وبالغنا بحبك كل هذا الليل
 
كي يأتي عليك الوقت تنسانا.
 
نحن الذين انتابنا ماء العناق
 
وساعة الرؤيا
 
و أنت موارب.
 
هل نهفو إليك وأنت في غيبوبة الرؤيا
 
ترانا دون أن تحنو علي ما ينتهي فينا.
 
أيها الباب الموارب
 
أيها المرصود والعشاق ينتظرون،
 
قل لنا واغضب علينا
 
و امتحن و اعصف بنا واشفق علينا
 
إنما لا تعتذر عنا أمام الناس.
 
يا باب النجاة و منتهى أسرارنا
 
افتح لنا و انظر
 
و لا تغفل و لا تقسو علينا،
 
أيها الباب ..
 
جئ لنا.. و اذهب إلينا
© 2024 - موقع الشعر