الحبيبتان - (أم عبد الله وابنتها) - أحمد علي سليمان

القلبُ يبكي ، ويبكي الطِرسُ والقلمُ
والنفسُ والروحُ والإحساسُ والذِممُ

والعينُ ترسلُ دمعاً واجماً هطِلاً
- بما تعاني من الأحزان - ينسجم

وللخواطر أناتٌ وهينمة
وبالجوانح - من فرط النوى - ألم

وبالعواطف مِن طول الأسى غصصٌ
وبالمشاعر - مما نالها - غمم

وكم تصبّرتُ حتى قيلَ: مُصطبرٌ
وليس مثلي الذي في الصبر يُتهم

وكم كتمتُ عذاباتي وأخيلتي
لأنني - بلِواءِ الستر - أعتصم

لكنما خانني صبري وتجربتي
فبتّ أصْلى بأشواقي وأضطرم

حبيبتايَ لأرض النيل سافرتا
والعيشُ دون أحباءٍ هو العدم

فتائهاً دامعَ العينين خلفتا
يقضّ مَضجعَه التنغيصُ والوَضم

يعيشُ تصرعُه كروبُ غربته
ولا أراه قريرَ البال يبتسم

إذ الحنينُ لزوج وابنةٍ كدرٌ
وكيف - دونهما - الحياة تنسجم؟

ريحانتاي ونورُ العيش في زمن
تظِلّ أغلبَ مَن يحيا به الظلم

هما اليَسارُ إذ عنتْ مكابدة
أو حلتِ المِحنُ القعساءُ والنِقم

هما المودّة في أبهى معالمِّها
وبالمودة يسمو الخيرُ والقِيَم

هما الدواءُ الذي يشفي المليكُ به
عبداً ألمّ به - في غربةٍ - سقم

هما هما العونُ إن فتشتُ عن سندٍ
أو عاقني مأزقٌ - في ذي الدنا - وخِم

صديقتيَّ ، وكم قاسيتُ بُعدَهما
والبُعدُ نارٌ لها - في مهجتي - ضرم

ولستُ أنسى (لأم العبد) قدرتها
على تجاوز أمر فيه نختصم

وحزمَها إن أرادتْ فضّ مشكلةٍ
وكم مشاكلَ بالتدبير تنحسم

وعطفها إن حَنتْ والفصلَ إن نطقتْ
وقولها - للذي يُصغي له - حِكَم

لكنْ تجاملُ مَن في عِرضِنا وقعوا
دوماً وما اعتذروا يوماً ولا ندموا

ليغفر اللهُ ما قالت وما فعلت
ومَن تنقصنا فالله ينتقم

ولستُ أنسى التي في القلب مَسكنها
وحُبها - في سُويدا القلب - مُرتسم

زهراء يا نجمة في عالمي سطعتْ
فعمّنا منكِ نورٌ مُشرقٌ تمَم

ذكراكِ - والله - نصْبَ العين ماثلة
تشدّ أزرَ أب – بالحب - يتسم

وكيف أنساكِ ، والأركانُ شاهدة
والحب في القلب يا سلوى الفؤاد دم؟

أراكِ في واقعي ، وفي مُخيّلتي
فيَسْطرُ الشعرَ - في بُنيّتي - القلم

حتى حُروفكِ في الآذان صادحة
فيها الترانيمُ والإيقاعُ والنغم

ومن أناجى هنا من بعد (فاطمةٍ)؟
تلك المناجاة كم تقوى بها الهمم

هي الصباحُ ، ومَن هم دونها غسقٌ
واللهِ ما استويا الإصباحُ والغسَم

أعادكِ الله يا بنتاهُ سالمة
وكان - في عونكِ - المهيمنُ الحكم

ورَدّ أمكِ - للأبناء - غانمة
وإنّ وصل ذوي الأرحام مُغتنم

إن المَليك - على ما قلتُ - مقتدرٌ
ما خاب عبدٌ بحبل الله يعتصم

© 2024 - موقع الشعر