حوارية الألم .بين بغداد وابنتها الصغرى - هدى السعدي

الفتاة :
 
 
 
بغداد أسلمني هواكِ إلى السقمْ
لا أدّعي زعْماً هواكِ كمن زعَمْ
و إذا بَكاكِ المُدَّعون تبجُّحاً
فأنا التي أبكيك من فرط الألمْ
لك ذمةٌ من بعض حقكِ صونُها
حقاً و إن خَفرَت بها بعضُ الذممْ
رثَّت جفوني من حرارةِ أدمعي
حتى رَثى لي دفتري وبكى القلمْ
 
 
الأم :
 
 
 
بوركتِ سيدةً تُجامل وحشتي
بعواطفٍ دمعُ الفؤادِ لها سَحَمْ
أو جارةً حفظت وداداً سالفاً
أو ذاتَ قربى ساقها حدثٌ ألَمّ
أدّيتِ واجبكِ النبيلَ ، و حبّذا
لو معشري الأدنوْنَ يرعوْن الحُرَمْ
لو عادَني منهم حبيبٌ ، لانتهى
بؤسي و خفّ أسايَ و الحظ ابتسمْ
 
 
 
الفتاة :
 
 
 
بغداد إني لست أبكي مِنّةً
لكنما لهوايَ اسبابٌ أهمْ
ما أنتِ جاريَتي و لستِ بجارتي
أو من صديقاتِ الصِّبا ، أو بنتُ عَمْ
بل أنتِ أمي .. أيُّ بنتٍ بَرّةٍ
تَقوى امتلاكَ دموعها في فقدِ أمْ
أنا بنتُكِ الصغرى و قصةُ حبِّنا
مكتوبةٌ في خافقي بمدادِ دَمْ
 
 
 
الأم :
 
 
 
لا تذكري عندي البُنُوَّةَ يا ابنتي
إذ ذاك لفظٌ منه معناه انعدمْ
إن الأمومةَ أصبحت كخرافةٍ
في عرف من باعوا المبادئ والقيمْ
 
جاء الطغاةُ لهتك عِرضي عَنْوَةً
و بَنِيَّ - ياللهول- قد قالوا : بِكَمْ ؟
عَرَضت عليهم " كوندليزا " قُبحَها
قالت : ألستُ بأمكم ؟ قالوا : نعمْ
 
 
 
الفتاة :
 
 
 
بغداد يا أمي لقد فاجأتِني
وشبَبْتِ في قلبي المعنّى ألفَ هَمْ
فإذاً شعرتِ بغدرنا و عقوقِنا
و بأننا صرنا العبيدَ لمن ظلَمْ
و بأننا جئنا الكبائرَ كلَّها
والموبقاتِ إلى الفواحش ِ واللَّمَمْ
و بأننا .... و بأننا .... و بأننا ....
أشياء يَحسُنُ عند سامعها الصممْ
 
 
الأم :
 
 
 
أنا لن أسامحَ يا ابنتي من أنكروا
طعمَ الحليبِ و أنكروا دفءَ الرَّحِمْ
الكافرين بأصلهم و بدينهم
المسلمين ثَرى العروبةِ للعجمْ
العاملين لدى الأعادي سُخرةً
يتواطأون لأجل تهويد العَلَمْ
ستُصَبُّ لعناتُ العراق عليهم
مطراً تمورُ بهِ شآبيبُ الحُمَمْ
 
 
 
الفتاة:
 
 
 
بغداد يا بركانَ نار ٍ إن يَثُرْ
يصلى البريءُ لظاهُ قبل المتَّهَمْ
يطأ القواعدَ أوّلاً .. حتى إذا
جاشت مَراجلُ غيظهِ صَهَرَ القِمَمْ
لا ينفعُ الحُكّامَ فيهِ نفوذُهُمْ
أبداً ولا المحكومُ يَفدي من حَكَمْ
و لسوف يأتي ، أو نراجعَ ذاتَنا
لا عاصماً منه و لا مِن مُعْتَصَمْ
 
 
 
الأم :
 
 
 
 
أنّى لقومكِ يا ابنتي أن يأ نَفوا
ذُلاً ، وأنفُهمُ ذليلٌ مصطلَمْ
 
السيفُ تغلبه العصيُّ إذا اعترى
صدأ ُ الحديدِ ذُبابَ حَدِّهِ و انثلَمْ
و الشعبُ إن تعدو عليه رُعاتُهُ
عَدْوَ الذئابِ الجائعاتِ على الغنمْ
فالشر أرجحُ كفّةً ، و النصر أب
عدُ غايةً ، و الناس أقربُ للعدمْ
 
 
 
الفتاة :
 
 
 
بغداد يا أملَ العروبةِ ، قَضَّه
قضيضَها ، ياركنَها العالي الأشمّ
لا تيأسي اليأسَ المثبِّطَ كلَّه
سياجُ عِزِّكِ هُزَّ ، لكن ما انهدمْ
لا بد من صبح ٍ جميل ٍ مشرق ٍ
هما ظلامُ الليل ِ طالَ أو ادْلَهَمّ
النخلُ يُطْلِعُ للوجود فَسائلاً
ن تحت تُربتهِ إذا النخلُ انحطَمْ
و الطفلُ أقوى ما نُعِدُّ لثأرنا
ن خائن ٍ قَزَم ٍ ، و من باغ ٍ قَزَمْ
لا يهزمُ الأطفالَ جوْر ٌ، و اسألي
ن كان طفلٌ في فلسطينَ انهزَمْ
طفلُ العراق كما تَوَسَّمَ عزمَهُ
مرو بن كلثوم ٍ مثالٌ في الشممْ
هولٌ تخِرُّ له الجبابرُ سُجّداً
ا إن تَرَعْرَعَ يافعاً ، بل إن فُطِمْ
و العز للإسلام .. . .. مهما طبّلوا
للجبت والطاغوتِ أو نصروا الصنمْ
ما بُعْبُعُ الإرهابِ إطلاقاً ، و لا
قصص التطرفِ ، لا ، و لا أي التُّهَمْ
ستصدُّنا عن نصر دين محمد ٍ
دَمُنا سيحضُنُ دينَنا ، و سننتقِمْ
سنقول للأزَماتِ ما اشتدّتْ بنا
( هذا أوانُ الشَدِّ فاشتدّي زيَمْ )
لن يهدمَ اللُّقطاءُ صرحَ المجدِ شَ
يَّدَهُ العراقياتُ بالشرفِ الخِضَمّ
فالله يا بغدادُ أغيَرُ غِيرةً
من أن يَرى الأقداسَ تُوطأ بالقدمْ
و حِماكِ يا بغدادُ قُدسٌ آخرٌ
حَرَمٌ منيعٌ ، لا أقلَّ من الحَرَمْ
و العُرْبُ يا بغداد مهما غُرِّروا
يَبْقَوْن هم أهل الحميّةِ والكرَمْ
( الخير فيهم ) حسب قول نبيِّهم
و الله أخبَرَ أنهم ( خيرُ الأمَمْ )
من لي أيا بغدادُ منك بقبلةٍ
أحظى بها يومَ اللقاء فماً لفمْ
© 2024 - موقع الشعر