حوارية للفرعون وأورشليم - محمد الفيتوري

كيف داهم عينيك، سيف الشتاء المرصع..
ثم تكسر فوق المدينة مشتعلاً
نصله نجمة في التراب
وقبضته وردة بين عينيك
كيف تعانقتما أبداً..
قمر الموت والأفق المتصدع بالمجد والكبرياء؟
***
-رداء العذاب الجديد، رداء العذاب القديم
يجيئون خضر الجوانح، خلف مناقيرهم
ويعودون خضر الجوانح خلف مناقيرهم
عابرين.. ولم يعبروا..
والرمال العشوق تسيل حنيناً إلى ساحل البحر
***
-كل مغن مع الفجر ينحت تمثاله خلف سور السماء
والفجاءات تستبق الحلم
-من ذا الذي يطرق الآن باب السكوت عليك
وأنت الذي لوحته المسافات
باب السكوت عليك!
-أعصفي خارجاً كيف شئت..
غداً تشرب الأرض طوفانها
والضحية تدفن قاتلها
إنهم يفقأون عيون النبيين
عبر شوارع أم المدائن مصر
اغتسلت بكل مياه البحار
من الإثم، لم أغتسل
أو تغسلني النار؟؟
عادوا إلى صلبه اليوم في ساحة الأزهر الفاطمي
حصاد طويل من الثمر المر يا أورشليم
وتمشين مختالة الخطر فوق التراب المقدس
والخائن العربي يخبىء رعشته في ثيابك
***
يوم شهدت الفجيعة، عانقت صمتي
ثم شهدتك حاملة كأسك الذهبية
مملوءة من دمي
فتشهيت أغنية قبل موتي
يا أورشليم
وها أنت ذا تضعين الزهور على رأس فرعون
كم زهرة سوف تصفر من بعد
كم شمعة سوف تغرق في الحزن
يا أورشليم
وكم مرة تطلع الشمس
ناسية.. ربما
فالتماثيل ميتة، والتوابيت فاقدة الذاكرة
والخيانة فرعون.. لا شعبي المتحدي هناك
ولا ذلك البطل المتدثر بالصمت
في ظلمة القاهرة!!
بيروت 1980
© 2024 - موقع الشعر