حوارية - بهيجة مصري إدلبي

القلعة :
أراك حزينا والقوافي حزينة
بدونك ما كان الخلود قوافيا
 
 
المتنبي :
 
تمر رياح الوقت موتا كماهيا
" كفى بك داء أن ترى الموت شافيا
فحسب الليالي أن تعاود ليلها
" وحسب المنايا أن يكن أمانيا "
أتيت إليكِ اليوم والقلب مرهق
من الدهر والأحلام أمست خواليا
فطافت على قلبي هموم كثيرة
وبت وحيدا في النوى لا أخا ليا
كأني من البرد احترقت ولم أكن
سوى من دموع لا تملُّ المآقيا
يقولون مرَّ العام والعام مقبل
على أنني ما عشت إلا ثوانيا
كأني من البدء القديم نهاية
ولم أك يوما في النهاية باديا
سعيت إلى نفسي ونفسي بحيرةٍ
وحيرة نفسي أن أرانيَ جانيا
هو الدهر مسكون بحلم مؤجل
وما من سبيل مرة قد صفا ليا
تعبت وعمري موغل في مسائه
وريح انكساري من دمائي رمى بيا
هي الألف بعد الألف تأتي كأنها
بلا موعد كانت وماتت كما هيا
دعيني على وهمي أحاول أن أرى
سرابي مناجاة وريحا مواتيا
أنا الليل ناداني فتهت بعتمتي
ورحت أنادي من يفك وثاقيا
توسلت بالأحلام حتى حسبتني
سرابا على وجه المسافة واهيا
وقفت بباب الحزن أدركني الأسى
وبانت لي الدنيا كما لم تبن ليا
سألت جهات الصمت عن موعد الضحى
فقالت يميني تاه فيه شماليا
 
 
القلعة :
كأني أراك اليوم والحزن سيد
فما ذا دهاك اليوم بالحزن ماضيا
كأنك ما أوحيت للدهر سره
وما قلت يوما للزمان تعاليا :!
" وما الدهر إلا من رواة قصائدي
إذا قلت شعرا أصبح الدهر راويا "
 
 
المتنبي :
أحن إلى السيف الذي كان شامخا
يجيء إليه المجد في الليل ساقيا
حملنا على الأيام والسيف صارم
يخامر نحر الأفق للمجد صاديا
 
 
 
 
تعلقت الأيام في ذيل ثوبه
وأدرك في الأيام ما كان راميا
 
 
القلعة :
ولكنه مازال سيفا مهندا
ونجما من الأمجاد يعلو سمائيا
فمن صنع الأمجاد يبقى صنيعه
وليس يزيل الدهر ما كان باقيا
المتنبي :
تنبأت بالأحزان يا أم إنما
وقوفك في وجه الفناء عزائيا
كأني أراك اليوم في حلَّة الضحى
تعيدينني من ذلتي وخرابيا
لأجلك يا أماه لن أبرح العلا
ولن تري القلب المخضل شاكيا
خذيني إلى عينيك يا قلعة الهوى
أرى فيك تاريخ السيوف المواضيا
 
 
القلعة :
 
وقفت وكان الدهر طفلا سعا ليا
تربى على مجدي فشب تباهيا
أنا السرُّ في نهر الخلود إذا جرى
أنا الفخر حين الفخر يبدو مثاليا
كتبت على أحجار صمتي حكايتي
وطاف جهات الأرض مجدا ندائيا
© 2024 - موقع الشعر