أحنُّ إلى دارنا - محفوظ فرج

أحنُّ إلى دارِنا
وَلمَوطنِ أمّي أبي
وأخي
إلى كلِّ جيرانِنا
إلى صَدأِ البابِ
والخربشات عليه
لصفٍّ تراصفَ
حولَ حديقتِنا بالحَجَر
لأنفاسِ قدّاحِ نارنجةٍ
وأنا واقفٌ تحتَها أستحمُّ
بروحِ النعيمِ
إلى آسةٍ حينَ أمضي وحينَ أعودُ
تداعبُني في وريقاتِها
وبياضِ زُهيراتِها العَبِقة
إلى كلِّ رفٍّ لكتْبي
يرفُّ لها القلبُ
ديوان شعرٍ ،وكتْب لنقدٍ
أحبُّ قراءتَها
أحنُّ لأمّي تباركُني برعايةِ ربّي
تصلّي على سيّدِ الخلْقِ
حينَ توقظُني للفطورِ
تُشَيّعُني في الذهابِ إلى المدرسة
تُمازحُني بحنانٍ
تودِّعُني
ويَظلُّ الحنانُ انتظاراً
إلى أنْ أعودَ تُقَبّلُني
ثم تبعثُني
بعبيرٍ ينثُّ علىَّ (بفوطتِها )
ويُجدّدُني بشذاه
تقولُ حبيبي
وكيفَ هو الحالُ في الامتحان
أقولُ بخيرٍ فينتابُها فرحٌ
لا يُحَدُّ
ولأنّي أحبُّ قراءةَ ديوانِ شعرٍ
أكذِّبُ
(يُمَّه ) لكنّهمْ طلبوا بعضَ كتبٍ
ولا بُدَّ أن أشتريها
تقولُ ( أيا بعدَ عيني )
سأعطيكَ أثمانَها
 
للداتي الأحبةِ في الحيِّ -
يا للسعادةِ - لا تنقضي
فيه ألعابُنا
فرَّقتْنا توالي مصائبَ أوطاننِا
وتفرُّقِ أحبابِنا
في شعابِ البسيطةِ أو تحتها
فالجميعُ تلاشى
طعوماً لحزنِ العراق
 
لنزولٍ يساراً لمجرىً هو الأصل
كان قديماً لدجلةَ قبلَ تحوِّلهِ
نتقاطرُ منحدرينَ لمنخَفَضِ
السدِّ حيث الضفاف
لنقرأ في عطلِ ( البكلورية)
نذرع قوساً بعيداً
عن الناسِ عن لغطٍ وضجيجٍ
سوى خَفقاتِ النوارس
تهوي تصفِّقُ جنحانُها
أو نقيقِ ضفادعَ
بين الصخور
 
أحنُّ لنقلِ الخطى
أتجوَّلُ فيها بسوقِ الكبير
وفي زحمةٍ ألتقي بالمعارفِ
والزائرين الامامين
ما يشغل البالَ
مِمّا أحبُّ سألقاهُ
ربتما ألتقي طالباً وأسائلُ عن درسِنا
باكراً
وقد القى كتاباً يؤانسُ لي وحشتي
من دروسي الاساس
وابتاعُ أشهى الطعام
 
للتمنّي بموتِي وقوفاً
بعنقِ الهوى
لشارعِ عبدالوهابِ أشوفُ بهِ
أمنياتي
فتجري أمامي عابرةٌ
توقفُ القلبَ
بسمتُها وهيَ تَفترُّ
تحتضن المقلتين
لموجِ عباءتِها وهيَ تَلتَفُّ
حولَ الذراعينِ يَلمَعُ
برقُ بياضٍ
على القدمينِ
وتخطفُ قلبي
أشوفُ به أمنياتي
المقاهي
الدكاكين
حلاقةَ ( يوسف مرعي )
لهُ أمّ كلثوم تصدح
ب(الحلم )
 
أحنُّ لشحاتَ تحضنُني غيمةٌ
وتقولُ أنا سفري نحو درنةَ
إن شئتَ تجري معي
إن محبوبة القلبِ عَزَّةَ
أعلمُ تشتاقُها
أقولُ لها إنَّ لي موعداً معها
قربَ نبعِ أبولو
فسيري إلى حيث شئت
مُجرَّدُ سيري
تحتَ الصنوبرِ
نحو مضاربِ سوسةَ
نحو الضفافِ
كأنّيَ مُلِّكتُ أرضَ الجنانِ
 
د. محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر