وَمَلاكُ العِشْقِ ما تاها - محمد عبد الحفيظ القصّاب

وَمَلاكُ العِشْقِ ما تاها
**************************

دُنيا تَقومُ لَها مِنْ حِينِ مَنْشاها
نَفْسٌ لِنَفْسٍ بِأَنْ تَصْبو بِأُنْثاها

هذا قَضاءٌ مِنَ الله الذي رَضَخَتْ
لهُ قلوبٌ بِوَحْيِ العِشْقِ أَوْلاها

أنتِ المَقاصِدُ، لَبّيْتُ النِداءَ لَها
فَما عَرَفْتُ مِنَ الأصْواتِ إِلاّها

وفي لِقاءٍ بِهَدْي القَلْبِ مُنْعَقِدٌ
فُزْنا بِهِ، وَمَلاكُ العِشْقِ ما تاها

جُبِلْتِ في ترْبَتِي وَقْتَ الحَياةِ بَدَتْ
حتى سَرَيْتِ بِها طِيباً وَأَمْواها

فكنتِ منها، وكانتْ مِنكِ ذاتَ شَذًا
وغِبْطَةٍ، وكَذا ما كانَ يَغْشاها

أنتِ الحَنانُ الذي أَمْسَيْتُ أَلْمُسهُ
أنتِ الجَوَى وَعَظِيمُ الآهِ شَكواها

ما كنتِ غيرَ نُجومٍ في مَعاقِلِها
تَرْقَى وَتَسْمُو فَهذا مِنْ سَجاياها

رِسالتِي خَفَقَتْ بالمُهْجَةِ التَحَفَتْ
حَياةَ ودٍّ و لَمْ تُظِهرْ خَفاياها

وكنتِ لولا رقيبُ البينِ خافِقَتِي
وما الحياةُ بِها لو غِبْتِ تَحْياها

لولا العَواذِلُ كُنْتِ الشَّمْسَ أَسْطُرُها
فَوْقَ العيونِ فلا نامَتْ بِإحْداها

ولا غَفَتْ وعَجِيبُ الغَيْظِ يَجْمَعُها
ولا صَحَتْ بِعيونٍ طابَ مَرآها

تلكَ العواذلُ أَدْيانٌ مَفَرَّقَةٌ
رَمَتْ فَنالَتْ عَظيمَ الشَّأْنِ مَوْلاها

وَرْقاءُ نَخْبُكِ في جَوْفِ الحَشا ظَمِئٌ
عِنْدَ المُدامَةِ لمْ أشْبَعْ بِريَّاها

وَرْقاءُ نايٌ بلا صَوتٍ ولا طَرَبٍ
رَجْعُ الصَّدَى بِأَنِينِ الجُرْحِ مَحْياها

ما زلتُ أَذْكُرُ أيّاماً بِنا غَرَبَتْ
نُجاذِبُ القَولَ فيما قدْ رَعَيناها

نَأْسوا لِجُرْحٍ بِهِ العُشَّاقُ تَسْكُنُهُ
والآنَ نَحْنُ جِراحُ الحُبِّ أَدْماها

هذي رِسالةُ عِشْقٍ غَيرُ داعِيَةٍ
لَكِنَّها ذَرَفَتْ بالدَّمْع ِ ذِكْراها

-------------------
(18 ) البسيط

محمد عبد الحفيظ القصاب
ح-3-90

© 2024 - موقع الشعر