يا يوم تلاقينا - محفوظ فرج

يا يوم تلا قينا / د. محفوظ فرج
————-
 
يومَ تلاقينا
 
في تلِّ السوس
 
وأنا في دربي الذاهبِ نحوَ حميمة
 
تَرَدّدَ في سمعي صوتُ أذانِ الفجر
 
بجامعها .......
 
صليتُ
 
وروادني نزع مجنون أن يعطفني
 
في أحد الأسواقِ
 
توغلتُ باعماقِه
 
وتلاقينا
 
الوشمُ عراقيٌّ
 
والوجهُ عراقيٌّ
 
القدُّ المشوقُ عراقيٌّ
 
كقوامِ النخلِ البصري
 
بلونٍ خمريٍّ في قلبٍ أبيض
 
أنقى من عينٍ
 
ملأت ْمنها ماءً غزلانُ ربيعة
 
داهمني العبقُ المذهلُ
 
يلتفُّ على دورانِ عباءتها
 
قالت :
 
أشعر أني كنت رأيتك
 
في (حلب ) يوماً ما
 
وأنا ابتاع الزعتر
 
من سوق الخضرة
 
وقفتَ أمامي
 
بهرتني عيناكَ
 
كأنّي أكمنُ فيك
 
قلتُ :
 
وأنا أيضاً أشعرُ أنّكِ كنتِ
 
تخذتِ مراعٍ في قلبي
 
وحمَلْتُكِ قيثارةَ عمري
 
حين وجدتُكِ في
 
في سوسة وحدكِ تنتظرينَ الدرسَ
 
قال الناظرُ :
 
( ألقِ لها درسَكَ ؟
 
قلت : يا أستاذ هي واحدةٌ من عشرين
 
قال : ألقِ لها الدرسَ
 
وغَيِّبْ من لم يحضرْ )
 
وحين تلاقتْ عينانا غارتْ أشواقك في قلبي
 
و تململَ نوّار الجبل الأخضرِ مزهوّاً فيك
 
قلتِ : من انتَ ؟
 
قلتُ : عراقياً ألقَتْهُ الأقدارُ
 
على أعتابِ البحرِ الأبيض
 
وأنتِ ؟
 
قالتْ : نحن من (گريت)
 
حين انهزم العثمانيون
 
أواخر سنوات القرن التاسع عشر
 
عبرنا البحر هروباً من فتك الرومان
 
إلى سوسة الليبية
 
قلتُ عيناكِ
 
ولون المرمر
 
في نحرك ؟ وتورد خديك
 
يشابه أول وجه في باب السور
 
رأيته
 
قالت :
 
حكى لي جدي:
 
أنَّ نديفاً ثلجياً غَطّى ( گريت )
 
وكانت ذريته بيضاء
 
كلون القداح
 
المفروش على صدر الساقية
 
الظمأى في الموصل
 
قلتُ : إذنْ نبدأ درسَ اليوم:
 
الدرسُ يعالجُ معنى ( ما)
 
في اللغة العربية
 
والإعراب
 
د. محفوظ فرج
© 2024 - موقع الشعر