مَع النّهْر

لـ محمد الزهراوي، ، في الملاحم، آخر تحديث

مَع النّهْر - محمد الزهراوي

مَع النّهْر
إلى (سَبو)..
النّهر الخُرافِيّ الشجِيّ
 
وَتِلْكَ الدّرْدارَةُ
الحَزينَةُ..
أُمّي الكَوْنِيّةُ.
تشْكو لَكَ
الأحْزابَ وَتُداري
دَمْعَتَها!!
 
 
تبَلّدَتِ الْفُصولُ
وقَفَتْ عَن دَوَرانِها
فغاضَ الْمَاءُ..
تَراجَعَ الظّلُّ
وَأمْحَلَتِ الْحُقولُ.
لا شَيْءَ غيْر
الحُزْنِ يَنْمو
والسُّحُبِ النّاشِفَة.
عُواءُ الذّئابِ في
الأفُقِ البَعيدِ وَعَويلُ
الرّيحِ في النّاحِيَة.
حتى إذْ..
جاءَ اللّيْل وَزُلْزِلَ
بِالرُّعودِ الكَوْنُ..
حاضَ الغَيْمُ.
فانْسَكبَ الْماءُ
وَشَرِبَتِ السُّهولُ.
ارْتَوى سَبو..
وغادَرَ بيْن
الْجِبالَ كَإلهٍ..
يَسْتَحِمُّ بِاللّوْنِ.
يَسوقُ
الْمَسايِلَ وَيُغنّي.
مَسْراهُ العَتْمَةُ
أوْ مَلاعِبُ الشمْس.
يَخْطو وَئيداً في
وَطَنِ البُرْتُقال..
أقْوى مِنَ السّنين
وَأرَقُّ مِنَ الْحَنينِ.
نَداهُ يُكَلِّلُ
أغْصانَ قَلْبي.
يَئِنُّ بِأَشْجانِ
فلَاّحي جِبالِ
الرّيفِ بِآهاتِ حَمّو
الزَّياني وَأوْجاعِ
(ابنِ عبْد الْكريم)
يَحْتَويهِ الظِّلُّ..
يُعانِقُه الْمَدى
بِمِزْمار حَقْلٍ
بعيدٍ وَنُواحُ
سَوْسَنةٍ قابَ
قوْسَيْنِ ..
وَتُسْلِمُ الرّوح.
أيُّها النّهْرُ الْجَليلُ..
وآ شَقيقَ الأزَلِ
مُرّ هُنا واغْسِلْ
مِنَ العَناءِ
قُرى وَطَني.
عانِقِ الأزْرَقَ
وَالضّوْءَ ..
رُدَّ عَلى تَحايا
الْغابَةِ بِالصّهيلِ
وَخُضْرِ الْمَنادِيل.
هُشَّ عَلى
الظّلامِ أنْ يتَوارى
والقَحْطِ أن يُوَلّي.
عَرّشْ في ظِلالِ
اللّيْمونِ وَانْظُر
قامَتَكَ في..
مَرايا الشّمْس .
تَهَيّأْ لِلْعُرْسِ ..
يَقيناً أنّ الْمَواسِمَ
واعِدَةٌ هذا العام.
فالثِّيرانُ ..
مُضَمَّخَةٌ بِعَبيرِ
الْفُحولَةِ عَلى
ضِفافِكَ تتَهَجّى
نشيدَكَ الأخْضَرَ
بِخُوارِها عَلى..
رُعودِ أبْريل!
وَالْخِرافُ في
حضْنِكَ تنوءُ
بِالعِشْقِ ضالِعَةٌ
في طُقوس حُبِّ
الحَياةِ والخِصْب .
فَامْشِ الْهُوَيْنى سَبو!
وانْظُرْ خَلْفَ قَفاكَ
تَرَ بَسماتِ الرّيفِ
وَتَلْويحاتِ الأطْلَس.
اِمْشِ..باغِثِ
الأحْلامَ العِطاشَ
في السّهْلِ ..
افْتَرِشِ الأرْضَ
وارْقُبْ مَواويلَها
في بَهاءِ النّجوم.
دَعْها تَسْعَ إلى
الْخُروجِ مِنْ نفَقِ
اللّيْلِ عِبْرَكَ إلى
ضِفافِ الصّباحِ نَحْوَ
أجْمَلِ الأيامِ مِنْ
عُمْرِنا الآتي.
أعْناقُ الْخَيْلِ
نحْوَكَ..تَمْتَدُّ
جامِحَةً ..
تُلاحِقُ الْمَوْتَ
في وَطَني ..
تُقْلِقُ الأحْياءَ
الْمَوْتى أنْ يَهُبّوا
مِنَ النُّعاس ..
أنْ يَرْفَعوا
الرّاياتِ إلى
الشّمْسِ ..
لِتَرْقُص في
عُرْسِها سيِّدَتي!
فَأُضيءُ أوْ أحْتَرِقُ
أغْتَسِلُ مِنْ
أحْزانِ السّنين
وَيَأْتي الصّيْفُ أوْ
لا يَأتي..فَالْغَمامُ
يَسْكُنُني ..
وَعِشْقِيَ انْدِلاعُ
الْوُعولِ الرّاجِفَة.
مَناحاتُ النّوارِسِ
الطّليقَةِ ..
مَناخاتُ الْغاباتِ
الْمسْكونَةِ بِالضّوْء.
أيّها النّهرُ الْعَظيم
يا قبَساً مِنْ قُرآن
الْخُلودِ ها الغُيومُ
إليْكَ تحْتَكِمُ أ يُّها
كانتْ سَخِيّةً..
أيُّها كانَتْ بَهِيّة
وَأيُّها وافَتْكَ عاشِقَةً
في الْموْعِدِ.
وَذاكَ الشّلالُ
الْحَزينُ أنا أنْزِفُ
مِنْ تبَعْثُرِ الأشْلاء ..
جُرْحِيَ النّيلُ.
الفُراتُ دمْعي
وَعيْني فلْسطينُ .
وَفي اتّجاهِ
(الدّونِ) و (الكانْج)
تَمَدّدَتِ الشّرايينُ.
وَتِلْكَ الدّرْدارَةُ
الحَزينَةُ..
أُمّي الكَوْنِيّةُ
تَشْكو لكَ
الأحْزابَ وَتُداري
دَمْعَتَها!..
وذاكَ النّجْمُ البَعيدُ
الْمفْتوحُ عَلى
الشّرْقِ جُرْحيَ
في دَهاليزِ
الأسْمَنْتِ يذْوي.
أوْ قُلْ..
قُرُنْفلَةٌ طيَّ كِتابٍ
مَنْسِي َيتْلو..
أوْرادَكَ النّبَوِيّةَ
عنْ يَقين.
وَهذي البَساتينُ
حَوْلَكَ تُزْري
بِزَمانِ النّفْطِ ترْتَجِلُ
حَبّاً وَفاكِهةً..
وَجَمالاً وَمُنى!
وَراحَ سَبو
راح يُهَلِّلُ ..
تَهْليلَهُ الوَثَنِيّ
لَم يُعِرْني إصاخَةَ
سَمْعٍ ولا بَددَ دَمْع.
ر ا حَ يُقاوِمُ الْفَناءَ
ر ا حَ يُتابِع الْغِناءَ..
يُعْطي الْحَياةَ مَعْنى.
يَسْقي الوَرْدَ وَالشّوْكَ
ويُعَلَّمُ أنّ الْ..
مَحَبّةَ أسْمى ؟
© 2024 - موقع الشعر