الجانب الآخر من النهر - محمد الفيتوري

لم يكن يتشكل في جسد
كان أنسجة رخوة، وعظاماً هلامية
تتماوج في ذاتها، وتراوغ في ذاتها
فهي سيل دخان قديم
ونبع رؤى في الهواء
***
لم يكن في عيون الدجى
غير بعض رماد النجوم
وبعض ثقوب السماء
وأنا ساكن في عيون الدجى
داخل في قيامة روحي
أحدق في مرمر الزنبقات المشعة
في حجرة الشمس مندهشاً
وأجرجر راية عصري
فوق ثلوج الشتاء
***
لم تكن تتمثلني أبداً
تلكم الكائنات التي انغرست في الرمال قوائمها
ومضت تستحم عرايا إلى جانب النهر
***
عندئذ باغتتني مراياك يا طفلة العدوتين
تلاشيت في شف من مراياك
أوغلت في الذكريات بعيداً
إلى حيث يختلط الموت بالسحر
والملح بالنار، والعشب بالذكريات
وكالبرق.. في ومضة البرق
أبصرت شيئاً يلوح كوجهك
مقتحماً ظلماتي...
عميقاً، مهيباً، ومشتعلاً بالبهاء
كيف كان المساء بطيئاً
ومنهمكاً في غيوم المساء
قبيل رفيف جناحيك..
إنك لن تدركي كيف كان مسائي؟
كيف كان البكاء..
إذا اشتعلت شرفات البكاء
قبيل مجيئك..!
إنك لن تدركي كيف كان بكائي
لن تدركي كيف هاجرت الأرض
ذات الفضاءات في...
وكيف تيبست الشمس في أفقي
لم يكن أبداً صوت شعري
قرنفلة في فمي
كان طاحونة تستريح على عنقي
كنت أنزع أقطمة القهر والموت
عن زمن القهر والموت
كنت أرصع حلمي بالصور المستحيلة
والضحكات
وإذ يتدفق نهر الرخام الرمادي حولي
أروح أداعب في زبد الموج ظلي..
وأغرس فوق الضفاف غنائي
وأرفل مثل الدراويش
في صحراء الدراويش وحدي
أرفل في كلماتي وفي كبريائي
© 2024 - موقع الشعر