تِطْوان!.. اَلْحَمامَة البَيْضاء

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

تِطْوان!.. اَلْحَمامَة البَيْضاء - محمد الزهراوي

تِطوان!..
الحَمامَة البَيْضاء
 
جَلسْتُ
إلى الحَمامَةِ ..
حتّى غابَ
جَميعي في
لَطافَةِ حُسْنِها.
إطْلالَتُها
قمَرٌ آخَر.
الْوَعْلَةُ
قابِعَةٌ أمامَ
المِرْآةِ هُنا..
كَأنّما
لاذتْ بِالهُروبِ
أوْ خرَجتْ زَبَداً
مِن البِحارِ.
السّلامُ
عليْها تبْحَثُ
عنْ عاشِقٍ.
تَبينُ كالْمَلِكَةِ
بيْنَ المُدُنِ..
شُكِّلَتْ بِإِبْداعٍ.
وَشاهِقَةٌ كَزُغْرودَةٍ
بيْن شُمِّ الجِبالِ.
سُلْطانُها..
فَرائِدُها.
وَاسْمُها مِنْ
خُزامى وَعَرارٍ.
هِي خَيْمَتي في
الأقاصي وَالّتي
مَدّتْ لِيَ
يَدَها في الْغُرْبَةِ.
أنا أذْكُر..إذْ
جِئْتُها مُلْتَجِئاً !
ما الّذي لا
يَراهُ الشُّعَراءُ
وَأُبْصِرُهُ خاشِعاً
دونَهُمْ..
في مَفاتِنِها؟
هذه..
أنْدَلُسٌ صَبَأتْ.
جاءَتْ تسْبحُ
بِلا زَوْرَقٍ
على كَتِف البَحْر.
كمْ تَوَغّلْتُ
مَع الْماءِ
حتَّى رُكْبَتيْها..
وَقدْ أقْعَتْ
تتَوَضّأُ عِنْد النّبْعِ
أمامَ درْدارَة الوادي.
إذْ كُنْتُ مُغْرىً
بِها حتّى أحْبَبْتُها.
مِنْ كَفِّها
ينْسَكِبُ الحِبْر..
فَلَوْلاها
ما طَلَعَ
النّهارُ علَيّ..
الْعِبارَةُ هذهِ
قِنْديلُ زَعْتَرٍ.
فاَبْتَعِدوا..
أوْ وَسِّعوا كَيْ
تَمُرّ وَتُهَرِّبَني
مِنَ البَرْدِ مِثْلَ
عَريسٍ في ..
عُرْيِها المغْرِبي.
تَمْرُقُ كالنّجْمَةِ
في الأبْهاءِ.
هِي نَفْسُها
زَهْرَةُ الخَوْخِ
الْماجِنَةُ تُقايِضُ
الظِّلالَ في
الحَديقَةِ ..
بِأنْسامِها الفاحِشَةِ.
أنا دائِخٌ أمامَ
وَجْهِها بيْنَ الْعَقيقِ
وَالزّعْفرانِ والشّقائقِ
وَهُبوبُ الخَطْوِ
يَهُزُّ في الصّمْتِ
حَوافَ ..
قفْطانِهاالغجَري
وأحْجارَها الكَريمَة.
ها هِيَ ذي
تَخْلو بِيَ
مِثْلَما شِئْتُ..
بَديعَةَ حُسْنٍ!
بِحَياءِ..
رابِعَة العَدَوِيّة.
كَمْ صِدْتُ في
الْحُلمِ ثَناياها..
أمْسَكْتُ بِأنامِلِها
تحَسّسْتُ
خَواتِمَها وهِيَ
في مَضْجَعِها
المَليكِ تتَلأْلَأُ
في الوَهْمِ..
ورَمْشاها أطْوَلُ
عَلى النّهْرِ.
ألا كَمْ أشاعَتْ
حَوْلَكُمْ نورَها ؟
ضِحْكَتُها
الفاتِكَةُ تُشَكِّلُ في
الصّحْوِ أنْدَلُساً.
وَفي الْهَزيعِ تَسْقي
النّسْرينَ ومَآذِنُها
تَمُدُّ لِلْعابِرينَ ..
آهاتِها وجَدائِلَها.
تَجْتاحُني الرّغْبَةُ
أن أسْمَع في
شَوارِعِها هَمْسَ
القُدودِ عنْ قُرْب.
وأحْسُوَ القَهْوَةَ
بعْدَ انْكِساراتي
والتّجْوالِ ..
بِمَكْنونِ خَباياها.
هِيَ ضَوْءٌ بَعيدٌ..
ألا كَمْ تتَلألأُ
كَتِمْثالٍ ذَهَِبي..
لَمْ أكْتَفِ بِالتّمَلّي
إذْ تَوَغّلْتُ
ذاتَ نَهارٍ
كما قي
ألْفِ ليْلة..
إلى السِّدْرَةِ معَ
((الْحَرّاقِ)) *
حتّى ظَفيرَتِها.
حُضْنُها مَلاذُ أعْراسٍ
ومَقيلُ غُزْلانٍ !
سَلو ((الصّبّاغَ)) **
أراها مَرْحى
وَلا أحَدَ غَيْري
يَشْعرُ بِغُرْبَتِها
وبِعَرْبَدَةِ الْجَمالِ
في حواريها.
.............
*هو سيدي محمد الحراق صوفي مغربي
له ضريح وزاوِيَةٌ بالمدينة
**محمد الصباغ شاعر من المدينة
 
تعليق الأستاذة :
وفاء وزّاني تُهامي
 
أيُّ نصٍّ هذا ، الذي رفرفت أجنحته فوق جداريتي ،
أي حرف هذا الذي أوْجز الجمالَ كله ، في بياض
الحمامة العتيقة
أنا دائخةُ أمام نصِّكم بين الدرر،
وكأن مجمع البحرين ، أهداني لآلِئَه ،أصدافَ محّاره جميعَها،
فتوَغّلتُ في الإندهاش ،
حتى أخمص صحْوي
وطفِقْت أبحث في مكامِني عن أبجدية تُسْهبُ الشكر والإمتنان ، عرفانا لمن مرَّ عزيزا بخيمة تطوان التي ثَبَّتَتْ أوتادها على سفح جبلين يُقرِيانِ الضيف أبداً
باحْتضان مغربي وحفاوة أندلسيةٍ وعطر مولويٍّ يُسْحِرُ عبقُه النّزيلَ بأسرار رجالاته وكراماتهم ،
ما عساني أقول سيدي
أمام هذا النص الباذخ
مبنى ومعنى ،
دعني أتعَكّزُ على ذاكرة الخيمة ، أقتطِفُ جَزِلةً من حنينها إلى من مرَّ بها ذات يوم ٍ، فشرب البحر من شطآنها وسدرة عشاقها ،
وحفنةً من حروفي المتواضعة لعلي أشكركم سيدي شكراً يليق بكرمكم وقامَتِكم ، مع كل التحايا الجليلة أستاذ محمد الزهراوي أبو نوفل
 
وفاء وزّاني تُهامي
---------------
تعليق :
ممتن لك أستاذة وفاء..شرفني دفء حرفك الباذخ وقراءتك الغنائية التي أبحرتُ علي أنغامها وكأنني أستمع إلى المرحوم (شقارة) في : أعنيته الجبلية (آلعيلة وجرحتني) !!!.. كنت مع قراءتك لنَصّي هذا وكأنني في نزهة خاصّة على متن قطار خرافي إلى الأندلس
شكراًلك ومحبتي
محمد الزهراوي
أبو نوفل
-------------
تعليق :
بين جبلين سيدي ، أبداً يصدح الصدى بالترانيم المنفلتة من ذاكرة السفوح
ويحدث أن تأتي القطارات ذات ذهاب أو إياب عبقة عطْرٍ من عرائش الياسمين
الحانَّةُ الى فردوسها المفقود ،.....لك جزيل الشكر ايها الجليل
وفاء وزاني تهامي
© 2024 - موقع الشعر