جِدارِِيّةٌ لِمَطَرِِ اللّيْل

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

جِدارِِيّةٌ لِمَطَرِِ اللّيْل - محمد الزهراوي

جِدارِيّةٌ
لِمَطَرِ الّليل
 
شامِخٌ مَطرُ الليْل
هُوَ حُرٌّ..
تزْدَحِمُ الأحْزَانُ
في عَينيْهِ..
وأرَقٌ شاسِعٌ.
تَعالوْا ..
ها هُوَ
يقْتادُني مِنْ يَدي .
إنه أمَلٌ..
وَيَشْتهيهِ النّهارُ.
يتَسَلّلَ مِنْ بَيْنِ
حِبالِنا الصّوْتِيّةِ
وَعائِدٌ مِنْ
سُومَرَ البَعيدَةِ .
ابْدَأوا الْهُتافَ..
ها هُوَ الشّرْقُ
يَقومُ عَلى السّاقِ.
تَشِعُّ فِخاخُ..
زَهْوِهِ البابِلِيّةُ.
بجَعٌ سَيِّدٌ في
سَماء هَوايَ..
وغَسَقٌ لا يُحَدُّ.
هذا الْحُضورُ
كانَ ارْتِياباً..
كان مُحاصَراً
بِحَريق أو غائِباً
يَنْفُخُ جَذْوَتي.
ناديْتُهُ سَبْعاً..
وها خُصوبَةٌ تَقول
أسرارَها الفوْضَويّةَ
تَحْتَ ألْوِيَةٍ.
يَمْكُرُ هذا الْبَيْنُ..
يَثِبُ الْمَكائِدَ إلى
أعْتابِتا ويَشْرَعُ
بابَ نَهارٍ فَخْم.
لهُ فِيَّ اهْتِزازاتٌ..
إشْراقاتٌ تَمْضي أكْثرَ
وَأخاديدُ يَطيرُ مِنها
الحَمام ُبِداخِلي.
لمْ أعُدْ ضائِعاً..
يا الْكامِنُ في خاطِري؟!
الآنَ أتفَيّأُ صَهيلَكَ
الْوَريفَ وَأسْمعُ..
أهازيجَكَ في قصَبٍ.
ما عُدْتُ أتَعثّرُ
في الْمَجْهولِ..
مُذْ بَدأْتَ تلْمَعُ.
بَسيطٌ هذا المنارُ
الْمُشَرّدُ والْهَمَجِيُّ الْبارُّ.
هذا الصّخَبُ..
يكْتُب اعْتِرافَ دَمي
وَلِخَفْقِه في الأمْكِنَةِ..
انْتِفاضاتُ نُسور!
أُنْظُروا مَلِيّاً أَريبٌ
هذا الحَنْكَليسُ الْمُتهَتِّكُ.
يَزْدَري الْهَياكِلَ وَيَشْمخُ..
يُظَلِّلُ الْمَدائِنَ وَيَعْرى !
بَشاشَةٌ شاسِعَةٌ
لِهذا السّرْوِ في زُبَرِ
الحَديدِ والغُبار..
بِالرّغْمِ مِنْ سَكاكينِ
الأهلِ والغُزاةِ !
هَيِّئْ لِيَ كَأْسَ
اشْتِهائي كَيْ أثْملَ
مَعَ حَميدِ الْ..
خِصالِ يا فَتى.
لَكِ أن تَحْكِيَ
شَهْرَزادُ عَنِ الدُّخّانِ
وَالطّائراتِ والبوَارجِ
عَلى الطّريق ِالْمُؤَدّي!
كُلُّ الْمَفاتيحِ في كَفِّهِ..
الآنَ ينْزِلُ جِراحاتِنا
الْمَنْسِيّةَ في
الْفَلَواتِ كَأقْبِيّةٍ.
اِنْكَشفَتْ نَواياهُ وَيُعَدِّدُ
الْمَباهِجَ في جِهاتي.
فَلا غَرْوَ أنْ يَثِمَ ..
معَها الْحَبَقُ وَالمِسْك.
فَلْيتَمادى الْحَفيفُ..
عَلى ضَراوَةِ هذا
العَراءِ نبْحَثُ.
هُنالِكَ أنْهُرٌ ..
ظِلالٌ زرْقاءُ
وَهَياجٌ لا يُحَدُّ..
الآنَ أعْدوا بِاتّجاهِكَ
وَطني الكَبيرَ عَلى
نَغَماتِ أُورْكيسْترا.
أخيراً رَمى بِيَ
الْمَعْدِنُ في مصبّاتِهِ.
سَأذْكرُ أنِّيَ تنَزّهْتُ
طويلاً هُناكَ..
وَآوتْني بَنادِقهُ.
عَفْوَكَ اللهُمّ
إنْ شُغِلْتُ بِهِ..
ها هُوَ ينْهَضُ.
مَضى العُمْرُ ريحاً..
وكُنْتُ غافِلا عَنْ
هذا الْمُسْتَبِدّ الْعَذْب.
لا تبْكي سَبِيّةُ..
عُرْيُكِ الْكَهْرُمانِيُّ
سيُطلِقُ أوَزّهُ..
في القُدْس وظَلِّليهِ
في هذا الْوَغى..
بِاللّهِ يا غَمامَة ؟!
هُوَ ذا الْجَنوِبيُّ ..
يَمْسَحُ عُيونَ الْخَيْلِ.
بِجَيْبِ سَرْجهِ الْحِجارَةُ
امتِداداتُ نَدىً..
بَيْروتاتٌ وَبَغْداناتُ
بِسَوالِفها تنْهَضُ.
يَلُوحُ في الْمَدائنِ..
تَفْتَرُّ ثَناياهُ عَن أُفُقٍ.
رُبّما هُوَ الآن يُصَلّي
بِالجَماعَةِ في حانَةِ الّلهْ
أوْ يُكابِدُها معَ قَدَحٍ.
يُخَطِّطُ كَيْ يَهُزَّ ال..
كراسِيَ بِالْجِنرالاتِ .
يَهُدَّ القُصورَ..
عَلى الملوكِ الطّواغيتِ
ويَمْشي فَيُهنْدِسُ..
لِعَرْبدَةٍ مائِيّة!
هذا ارْتِمائِيَ الْ..
فادِحُ خَلْفَ
أُغْنِيَةِ مُتَوَّجِ الْمَرايا.
يَعْتَريني كنَبيذٍ..
بِإذْنِهِ تسْكُنُ عَواصِفُ
جِراحِيَ أوْ تَهُبّ.
يَهُزّني يا أمُّ..
ويَرْسُمُ الْحُبَّ أنْهُراً.
طالَما خامَرَني..
هذا القَصيدُ العَذْب؟
كمْ مَشَيْتُ بِىَ
إلى أبْعادهِ الْحِسِّيّةِ.
سِرْتُ مُعْجمَ بُلْدانٍ
ونُحْتُ بِشِدّةٍ
مَعَ النّوارِسِ..
إلى هذا النّص.
سَلُوا الرّواةَ..
إذْ فاحَ مِنّي الوجْدُ
حَتّى يَسْمَعَ آهاتي.
سِرْتُ غاباتِ بِلَّوْرٍ
سِرْتُ أرْدافاً..
اجِتَزْتُ مَواشيرَ
وَسِياطاً وخَوْف.
وَما كنْتُ أعْلمُ أنِّيَ
مَوْعودٌ بِهذهِ الحضْرَةِ.
صِرْتُ الضّئيلَ
اَلضّئيلَ حتّى..
عَرَفْتُ الصّبابَةَ.
وَهذا وجَعي أُزَمِّلُهُ..
أُؤَكِّدُ لَكمُ عَلى..
وارِثِ الْحَضاراتِ
والْمَدائنِ الّتي تنْهارُ..
مَديداً يَتقَصّى
آثارَ العُشْب!
وَبِاسْم الرّبيع..
بَدأَ احْتِراقي!
ها هِيَ شَعْباذُ..
تُضَوِّئُ في أفْيائِهِ
تَنِمُّ عَنْ بَدْءٍ.
سَوْف يَصِلُ الْ..
((جَلْجميشُ)) إلى
بَرِّنا يفْتَضُّ
الْمَمالِكَ جِهاراً.
آنَ أنْ أسْتريحَ
مِنَ اللّوْعَةِ. .
ضارِعاً كنْتُ في
مَضايِقَ مَجْهولَةٍ. .
كنْتُ سَئِمْتُ
الإبْحارَ وَهاهُوَ
الاِنْدِياحُ أيْقضَ
مُجَدّداً رَغْبَتي الآنَ.
لا تبْكي ياسَبِيّةُ ..
اسْتَحِمّي نشْرَبْ نَخْبَ
اقْتِرابهِ مِن ناري..
وَسَريرِكِ الْحَجَرِي؟!
فَأنا وَأنْتِ..
كُرومٌ خَضْراءُ
في((داحِس)) الْعَصْر.
بِاللّه يامَآذِنُ..
كُنْ عُرْياً آخَرَ
يُؤْويهِ في برْدِ
لَيالي الْغَرْبِ وَ الشّرْقِ.
وَبِاللهِ يانَواقيسُ.
أُحيّيك أيُّها الْوَعْلُ
النهارِيُّ توقِدُ
في الّليْلِ ناراً..
وتتَعَقّبُ الشّمْسَ.
أراكَ عِنْدَ..
رُكْبتَيْها تسْتَقيمُ.
تُحَلِّقُ لِتنْسابَ مِن عُلُوٍّ.
اقْذِفْ بِيَ في..
جَوْفِكَ يا الخِضَمُّ.
لَكَ أن تتَغَنّى في
قِفارِ أغْوارِيَ..
بِمَراعٍ وَجِيادٍ .
بِاسْمِ الببَياضِ..
لِبَغْدادَ وبَيْروتَ
وَالقُدْسِ ودِمشْقَ
والإنسانِ نُصَلّي..
ونَصْرُنا في ليْل هذهِ
الغابَة وَمزابِلِ النّفْطِ
أمْطارٌ رَخِيّةُ..
وُعولٌ بيضٌ
أهْراءُ قمْحٍ..
وَ زَغاريدُ أعْراسٍ
تَمْلأُ سَماءَ المَدى..
أنْهارٌ لامُتَناهِيةٌ
ومَعاصِرُ نَبيذ.
يَاْتي وَسُحْنَتهُ تنْضَحُ
رخاءً وتَسامُحاً ؟
© 2024 - موقع الشعر