كِتابُ الغَريبَة

لـ محمد الزهراوي، ، في غير مصنف، آخر تحديث

كِتابُ الغَريبَة - محمد الزهراوي

كِتابُ الغَريبَة
 
أراها مِثْلَمَا
اعْتدْتُ..
تَتبَذّلُ في تَرَفٍ
هَلْ أجْرُؤُ ؟
أ أَغْرَقُ حتّى
رُكْبَتيّ في
هذا الكُحْل ِ؟
أ أَمُدّ يَدي..
إلى الْعِفّةِ ؟
أُهْدي ..
لِخَصْرِها شَطَحاتي
هِيَ ما تَحْتَ
الرّمادِ وَراءَ الأفقِ
وأنا الْهُدْهُدُ ..
أمْضي في ريحِها
إلى ما ..
لَسْتُ أدْري .
توَّاقٌ إلى الانْعِتاقِ
معَ الطّيْرِ مِنْها ..
وَ لكنْ إلى أيْنَ ؟
كأنّما أنا بِها في
غياباتِ الْجُبِّ
أيْ في ..
نَهاراتِها الأُخْرى
أو دَفينُ أرْدافِها.
كمْ هاجَرْتُ عِبْرَ
الأقاصي إلى هذهِ
الوَحْشةِ طَويلا؟ !
لَها عَليَّ في
الرُّؤْيَةِ سُلْطةُ الليْل.
هذهِ مورِسْكِيّةٌ
مِنْ أنْدَلُس ..
جَسَدٌ طافِحٌ بِأنْبِذَةٍ
تَغُصُّ بِالرّبيعِ وَ الأنْهُرِ
لا تَعْرِفُ الْجَهْلَ ..
وَلا تَسْتَسيغُهُ .
فنَحّوا عنْكمْ حُزْنَكُمْ
ها هِيَ سِراجُ فِتْنَةٍ..
لا تَسْكنُ الدّيارَ
وَلا تأكُلُ الثِّمارَ.
لِمرْآها ..
تَهْتزُّ الْمُحيطاتُ
أسْمَعُ لَها الْهَديرَ ..
أهِي نسْخَةُ
بُرْكانٍ مُنَقَّحَةٌ أمْ
سَنْفونِيَةٌ يَعْزِفُها باخ..
أمْ نَيْزَكٌ سَقَطَ ؟
ها أنا وَإياها ..
نَقْضي الليْلَ سافِرَيْنِ .
كُحِّلَتْ عَيْنايَ
بالعَمى إنْ رَأتْ
عُيونٌ مِثْلَها ..
كَمْ تُحاصِرُني ! ؟
بِلا عَدَدٍ سَكرْتُ
مَعَ عَرائِها الْجَشِع
في الطرقات..
بِلا صَهْباء !
لَها أسْرارُها الْحبْلى
وَلي أسْرارٌ ..
أخْرى مَعَ الأميرَةِ .
سيِّدَةٌ مِنْ آلِ بَني
الأحْمَرِ ..
مِنْ غرْناطَةَ.
وَبِأنْفاسِها
يَعْبقُ الثّرى.
كَمْ باغَتَني النّهارُ
بِمِحْرابِها وَحيداً
لَوْلاها ما
كُنْتُ أحْلمُ .
كَالصّدّى تَسيرُ..
تُبْحِرُ بِيَ الأغْنِيَةُ.
بِبَهائِها..
تُضيءُ مَتاهاتي
وَقَديماً أعْلَنْتُها
لي وَطناً.
صَلِّ لَها ..
في كُلٍّ لَها شَكْلُ
فَصَلِّ يا الشّارِدُ.
تِلْكَ هِيَ
اَلكَيْنونَةُ ..
اَلتّكْوينُ الآخَرُ
تَجَلّتْ فيهِ..
صِفاتُ العِشْق.
قال قائِلٌ ..
رغْمَ هُزالِها
فالشّكْلُ ناعِمٌ
قُلتُ وَهِيَ الدّواءُ
لي مِنَ الأدْواءِ.
وَ قالَ ..
تَمُدُّ لي كأْساً بارِدَة.
وَ قُلْتُ..
هِيَ تَقْتلُ؟!
فتَعالَ يا الشّارِدُ
وَاتْلُ مَعي..
كِتابَ الْغَريبَةِ.
أنا غَرَقْتُ في
هَوى بَحْرِهَا
فقالَ ..
تبارَكَ السِّحْرُ
وَهذا الْجَلالُ
قُلْتُ:
وَأنا الْمُصابُ ..
أرَقْتُ كؤوساً
وَ كُؤوساً مِنَ
الْكُفْرِ عَلى نَحْرِها
وَحْدي أتْلو ما
أوحِيَ عَن بَهائِها
الْكُلِّيِّ إليَّ ..
رَأيْتُها قَوْسَ
قُزَحٍ بِالأمْسِ
وَما تَظْهرُ أوْ
تتَضاحَكُ ..
إلا لِقَرامِطَةٍ.
وَ لَوْ ظَهَرَتْ لِلْكُلِّ ..
لَضاقَتْ بِيَ
وَ بِها السُّبلُ.
وَ قَرَأتُها في
كُلِّ اللُّغاتِ ..
في سِفْرِ الرّؤْيا
وَ في قُرْآنِ مُحمّد.
هِيَ في اللّوْحَةِ..
طَقْسٌ مُشْمِسٌ
وَعِنْدَ قَدَمَيْها ..
أشْلاءً يَرْتَمي البَحْر.
هُنالِكَ إيّاها
في بَرْزَخٍ ..
هِيَ الْكَيُّ بِالنّارِ
مَنْ ذا لَمْ
يَصِرْ بِها صَبّاً..
وَليْسَ لَها أهْلُ ؟!
© 2024 - موقع الشعر