زينُ الرّثاء - فرحناز فاضل

إهداء ......
إلى روحِ صديقي وقريبي محمد عباس روشن
الّذي وافته المنية إثر حادث سقوط الطائرة اليمنية
المتجهة إلى جزر القمر في المحيط الهندي
في ثلاثين من حُزيران عام 2009 للميلاد
محمد عباس روشن أو كما أحببنا أن ندعوه ب دود
كان شاباً في مقتبل العمر متزوجاً ولديه ولدان (كاظم وجواد)
كان مشرفاً للضيافة على طيران اليمنية
قد حاز الكثير من الجوائز والدروع والأوسمة
حينما نال المراكز المتقدمة في البطولات الوطنية
والآسوية والقارية لتنس الطاولة ..
فليرحم الله محمدَ وليسكنه فسيح الجنان
كان صديقاً عزيزاً وحزنت لفقده جدّاً وتألمت كثيراً
بل إنّه لم يتبقّ من أصدقاءِ العمر لديّ أحدٌ بعده
بقينا نرتقب خبرا عن حياته أو عن موته خمسة أشهر
وبعدها وصل جثمانه أخيرا لعدن وواريناه ثراه
سلاما عليك يا دود .. نلتقي بالجنة بإذن الله
 
 
حين ألوي على حزني ... أرتجزُ
(زينُ الرّثاء)
 
 
ليلٌ بليلٍ من المأساةِ مُكتنِزُ
حتّى إذا ما اكفهرّتْ ساعةٌ، أَجِزُ
 
كيفَ الدّقائقُ تمتصُّ القصائدَ من
حبرِ الدّماء، وخفْقُ الشّعرِ يَرتَهِزُ(1)
 
بينَ الأناملِ يسعى النّبضُ غادِيُهُ
رعشاً .. فألوي على حزني و أَرتَجِزُ
 
و أُمسكُ الهمّ من رأسي .. تلعثُمُهُ
يذيبُني .. وهْو يبقى عابثاً يَخِزُ
 
على وشائزَ(2) من جمرٍ أُقلِّبُني
سودَ الرُّؤى من دخانِ النَّفثِ أَمتَلِزُ(3)
 
يطيرُ مبتعداً عنِّي .. أُطارِدُهُ
بسيفِ حرفي .. خيالي فيَّ يغتَمِزُ
 
ضخُّ الهواجسِ ملءُ الصّدرِ وسوسَةً
أواهُ عمريَ في السّوءاتِ مُحتَجَزُ
 
تلكَ العقاربُ بالدّمعاتِ ناجمةً
آهٍ إلامَ تُديرُ القلبَ ؟.. تَغتَرِزُ ؟!
 
قلبي بلألأَةٍ، مِن حُزنِهِ عجبوا !
يا لهفَ عقد جمانٍ دونها خُرَزُ !
 
لهفي عليكَ أيا روحاً وما سكَنتْ
بُرجَ السّما .. ومُحيطٍ تحتها نَشِزُ(4) !!
 
فكيفَ أزبدَها بحرٌ ؟! كأنَّ بها
من مِلحِهِ بعضَ ما صبُّوا وما خبزوا !!
 
و كيفَ إذ غادرَتْ جُثمانَها عَلِقَتْ
بِهِ .؟! فما زالتِ الآمالَ تَحتَفِزُ .!
 
ويحَ القضاءِ أما لانتْ عريكَتُهُ(5) ..!
والخمسُ(6) عِدَّتُهُنَّ الآهُ والعَجَزُ ..!
 
ويحَ الفُؤادِ وما يُفضيهِ في كَتَمٍ !
أ جُنَّ بالحُزنِ ..؟! لا يبكي و يَضطَفِزُ(7) !!
 
إنّي وَ إيّاكَ - خِلَّ العُمرِ - راهبةٌ
في مَعبدِ الموتِ؛ كلُّ الموتِ أَنتَهِزُ ..!
 
إنِّي وَ إيّاكَ لا أدريهِ حاضرَنا
"قد طارَ ..! قد ماتَ ..!" هل أُسقِطتَ أم لَمَزوا ؟!!
 
هل كان يوماً بساعاتٍ ..؟! فما حبلتْ
عقارباً من ذوي العاهاتِ تَرتَكِزُ !!
 
أم كانَ محضَ هبوطٍ مبرمٍ قدراً !!
أم كنتَ طائرةَ الرّوحِ الّتي رمزوا !!
 
وحينَ دقَّوا صفير الصّفر أسقطها
وقبرها من محيطٍ أزرقٍ جهِزوا
 
روحاً تُرفرفُ فوقَ الموتِ تصرخُهُ
وهْوَ البكيمُ .. لها في صَوتِهِ عَوَزُ !
 
أنّى لصوتيَ بعدَ الموتِ من خمدٍ ..!!
اِسألْ أ آبهةٌ للأمر ما احترزوا ..؟!
 
إنّي بسابغةِ الأحزانِ أعرقُهم ..
ضغثاً منَ الحلمِ ما طالوا وإنْ قفزوا ..!!
 
لأنّ روحَكَ بي تُبنى إذا سكنتْ
وهم إذا ما أتوا تأبينها عجزوا ..!
 
أ ما دروا بمسيحٍ أنت كائنُهُ ..؟!
صُلِّبتَ .. صَلَّيتَ .. أنتَ الفلكَ تفترزُ
 
فمثلُكَ ال يرتقي أسبابها جسداً
والرّوح محرابُها معراجُها طَرِزُ(8)
 
 
تحية وداع:
يا الروحَ منّي إليك الودَّ أخلصهُ
إليكَ منّي سلامٌ سيُّهُ كَرَزُ
 
يا الروحَ منّي إليك الحبَّ أخلصهُ
إليكَ منّي سلام الشعرِ مرتجزُ
 
 
 
 
لم يكن بسيطاً أبداً ذاك الوجع !!
التنسيق كما أعلاه
 
 
 
 
فرحناز سجاد حسين فاضل
14 - 04 - 2011م
تُنشر في الثلاثين من حُزيران 2011م
في الذّكرى الثّانية لسقوط الطائرة ورحيل صديق عمري محمد
 
 
 
هامش المفردات:
(1) يرتهِزُ: يهتزُّ وينشطُ
(2) وشائز: واحدها وشيزة وهي الوسائد المحشوّة جدّاً
(3) أمتلِزُ: أختطِفُ
(4) نشِزُ: ناهضٌ للخصومة
(5) عريكتُهُ: شميلتُهُ صفتُهُ خُلُقُهُ
(6) الخمس: إشارة إلى الخمسة الأشهر الّتي قضيناها بين ترقّب ورجاء
(7) يضطفز: يلتقمه على كراهة
(8) طرِزُ: ذات طراز خاص
© 2024 - موقع الشعر