حزني بكِ عاد كالعرجونِ القديم - فرحناز فاضل

عاد كالعرجونِ القديم
----------------------
 
أدنو بحِلْمٍ شهقةً ..
أتضرَّعُ
وَأَحيلُ عُمْري عندها يتشفَّعُ
 
ولإنَّ مثليَ ليس منهُ تحلُّمٌ وتصبُّرٌ ..
لكنَّني أتضرّعُ !
 
أدنو وكلّي ميِّتٌ شوقاً منَ المحرابِ ..
حزني خاشعٌ مُتخضِّعُ
 
منّي البنانُ تخاذلتْ ..
أمّا البيانُ ففي لجاجِ البوحِ
ليسَ يُطوّعُ
 
أتلو بلا حرفٍ ..
فكلُّ الأبجديّةِ قد تلاشتْ،
والكلامُ مُخنّعُ (*)
 
ماذا أقولُ ..؟!
وهل لقولي منطِقٌ ..؟!
وهُو القرينُ لذي الجنونِ مُشرَّعُ
 
وحماقتي لتنسُّكٌ وتهرطُقٌ
كلُّ الجنونِ لحُزنِها متطوِّعُ
 
للصّمتِ مرآةٌ تشظّتْ تعكسُ
الأصداءَ خبواً للسكونِ تُشيَّعُ
 
يا أنتِ ضِحكَتَها لكَمْ أسمعتِني
منها صدًى والصّوتُ منكِ مُضيّعُ
 
يا أنتِ هلّا تستمرِّينَ الذّيوعَ ..
لصوتِها أنا لهفةً أتسمَّعُ
 
تتلوّنُ النّجماتُ حين تأمُّلي
أصبو فليلي بالبكاءِ يُنوّعُ
 
أخشى البكاءَ ..
ألوذُ في طيّاتِهِ
والدّمعُ فيَّ مقامرٌ ومريَّعُ (*)
 
أمّي وحيدهْ أين أنتِ ..؟
أ أنتِ حقّاً ..؟!
آهِ ..
ما زلتُ الهراءَ أُشيِّعُ
 
وحدي أنا أمّاهُ ..
عقداً بل وأكثرَ
منزوٍ في عتمتي أتلوّعُ
 
أمّي ..
و كيفَ الالتحاقُ بليلكٍ مترحّلٍ ..
كَفنُ الرجاءِ مقطَّعُ
 
و متى الزفافَ إلى السماءِ،
لبابِها قد أوصدتْ،
وصدى الزّفيرِ يُرجّعُ
 
إنِي لقلبِكِ مقبلٌ ..
في قبلةٍ للموتِ دامت ..
فلتدُمْ تتجوّعُ
 
إنّي إليكِ لقادمٌ في الثوبِ ..
أبيضَ كالجليدِ ..
حيالهُ أتضوّعُ
 
أتحرّقُ اللقيا ..
فتمنعُني الحياةُ بدفئها ..
عنها أنا أتمنّعُ
 
يا لي أنا ..
حضنُ الحياةِ يضمُّني ..
متصبّباً بحنانها أتروّعُ !!
 
إنّي الخيالُ حقيقةً ..
وحقيقتي عند المقابرِ
مأتماً فَتُصَنَّعُ !
 
لا تغضبي منّي أيا أمي
فكلُّ الكونِ منّي غاضبٌ
مُتذرّعُ
 
لا تغضبي أمّي ..
خذيني في حنانكِ
إنّني منّي أنا متوجّعُ !!!
 
 
 
 
 
خيالُ المآتم
تمّت في السادس من تشرين الثاني 2010 م
في الذكرى الحادية عشر لرحيلها
 
 
 
(*)
الكلام مخنّع : محالٌ إلى قطعٍ صغيرة
مريّع : سراب مضطرب
© 2024 - موقع الشعر