السيارة غريبة الأطوار - ماجد الراوي

سَيّارَةٌ لِصَديقي راحَ يَركَبُها
قَدْ اشتراها ببعض من دنانير
 
إنْ شَغَّلُوها بِدَفْعٍ وَسْطَ حارَتِنا
سَمِعْتَ ضَوضاءها في أرض كِشميرِ
 
جاءَت وزَمُّورُها العالي يُرافِقُها
يَعوي كَنَفْخَةِ إسْرافيلَ في الصُّورِ
 
تَعْلُو وتَهبِطُ لا تُلْوى أعِنَّتُها
ولا يُقالُ لها في مَفرَقٍ دُوري
 
باتَتْ مَكابِحُها لا تَسْتَجيبُ لها
وُقُوفُها عندما تَرتَدُّ بالسُّورِ
 
كُلُّ العَجائِزِ ماتَتْ وهيَ باقيةٌ
مِنْ عَهْدِ إسْكَندَرٍ أو عَهدِ آشُورِ
 
أبوابُها مِنْ بلادِ الصِّينِ مِقْوَدُها
للهنْدِ نِسْبَتُهُ دُولابُها كُوري
 
تَمشي إذا طَلَبَ الإسْراعَ صاحِبُها
مَشيَ السَّلاحِفِ في مُستَنْقَعِ القيرِ
 
إنْ قالَ سيري يساراً مانَعَتْ يَدَهُ
وأسْرَعَتْ ليَمينٍ دُونَ تَفكيرِ
 
صَوتُ المُحَرِّكِ يَحكي عندَ مَقْدَمِها
بَلهاءَ غَنَّتْ على إيقاعِ طُنبُورِ
 
كُلُّ الدَّواليب في أنْحائِها انْفَجَرَتْ
تَمشي على الشَّوكِ أو صَفِّ المَساميرِ
 
كمْ مَرَّةٍ حَرَنَتْ لَيلاً بِصاحِبِها
والبَردُ يَلْسَعُهُ لَسْعَ الدَّبابيرِ
 
وكمْ حَشاها بِرُكابٍ وأرْجَعَهُمْ
مُكَسَّرينَ كَتَكسيرِ القَواريرِ
 
وقالَ يَوماً صَديقي هلْ تُرافِقُنا
لِنُزَّهَةٍ حيثُ رَوضاتِ الأزاهيرِ
 
فقُلتُ أخشى إذا لَبَّيتُ تأخُذُنا
لِحَرفِ وادٍ مَداهُ غَيرُ مَنظُورِ
 
حتَّى إذا انْحَدَرَتْ مِنْ مَتنِهِ وهَوَتْ
رَحَلْتُ للخُلْدِ صَوْبَ الأعْيُنِ الحُورِ

مناسبة القصيدة

شعر ماجد الراوي نقلا عن مجلة منارة الفرات السورية وديوان طيوف ساحرة اشترى صديق الشاعر سيارة قديمة جدا دولابها أعوج ونوافذها مكسرة وأجزاؤها مهترئة وأخذ يتدرب بها على قيادة السيارات ودعا الشاعر أن يرافقه لنزهة بها فرفض ذلك خوفا من أن يقع له مكروه وكتب هذه القصيدة
© 2024 - موقع الشعر