الجرح الغاضب

لـ نازك الملائكة، ، بواسطة منيره العبسي، في غير مُحدد، آخر تحديث

الجرح الغاضب - نازك الملائكة

أغضب أغضب لن أحتمل الجرح الساخر
جرح قد مر مساء الأمس على قلبي
جرح يجثم كالليل المعتم في قلبي
يجثم أسود كالنقمة في فكر ثائر
جرح لم يعرف إنسان قبلي مثله
لن يشكو قلب بشري بعدي مثله
 
 
ألظلمة في أمسي المطوي أحسته
ومضت تهمس في صمت الليل: من الجاني
حتى الأبدية والآفاق أحسته
وتناسى، لم يعبأ، لم ينتبه الجاني
 
 
أغضب، تغضب لي همسات الليل الصامت
وتحيل الجو الواجم صرخة حبار
 
وتقول الأنجم: هذي نقمة جبار
ويثور بقلب الأبدية جرح ساكت
أغضب، يرتعش الموج معي تحت القمر
ويضج وتبلغ ثورته سمع القمر
 
 
ويجن الغيم الأسود في عرض الأفق
ويلف الشاطئ ثوب حداد كجنازه
يتحول صمتي نارا تصرخ في الأفق
وأغني رقة إحساسي لحن جنازه
 
 
أمسي، في أمسي قد دفنت أشلاء غدي
كانت، لم يدر بها أحد، شبه جريمه
الجرح النديان سيشهد، أي جريمه
 
كيف على الأرض تساقط حلمي بين يدي
كيف المقدور مضى نزقا يقتل قلبا؟
وتبقت بضعة أشلاء كانت قلبا
 
 
وتبقت ذكرى مطفأة كانت أمسا
وتبقت أنات حيرى كانت لحنا
جدران عارية كانت يوما أمسا
أصداء في غار خاو كانت لحنا
 
 
ومن الأعماق تصاعد صوت مخنوق
يهتف في حزن، في جزع، كيف أبوح؟
ليت الجرح المظلوم إلى الليل يبوح
قد يثأر لي مطر ورعود وبروق
ورأيت على الأفق المخضوب بفيض دمي
شبحا تفتر على فمه قطرات دمي
 
 
عيناه الزرقاوان مساء أهوال
ويداه السوداوان ذراعا عفريت
شبح مجنون أيقظ عاصف أهوال
وأحال دياجيري أحجية عفريت
 
 
أغضب للجرح المختلج الشاكي أغضب
سيجن معي الصبر المذبوح المرتعش
ستجن معي اللعنة والحقد المرتعش
ستثور معي الذكرى ستثور ولا مهرب
لا مهرب من جرح قد مر على قلبي
جرح يصرخ كالجوع البائس في قلبي
 
 
ألظلمة في صمت الآفاق أحسته
ومضت تسأل في قلب الليل: من الجاني؟
حتى القمرية والأشجار أحسته
وتضاحك، لم يشعر، لم ينتبه الجاني
 
© 2024 - موقع الشعر