خرافات

لـ نازك الملائكة، ، بواسطة منيره العبسي، في غير مُحدد، آخر تحديث

خرافات - نازك الملائكة

قالوا الحياة
هي لون عيني ميت
هي وقع خطو القاتل المتلفت
أيامها المتجعدات
كالمعطف المسموم ينضح بالممات
أحلامها بسمات سعلاة مخدرة العيون
ووراء بسمتها المنون
قالوا الأمل:
هو حسرة الظمآن حين يرى الكؤوس
في صورة فوق الجدار
هو ذلك اللون العبوس
في وجه عصفور تحطم عشه فيكي وطار
وأقام ينتظر الصباح لعل معجزة تعيد
أنقاض مأواه المخرب من جديد
قالوا النعيم:
وبحثت عنه في العيون الغائرات
في قصة البؤس التي كتبت على بعض الوجوه
في الدهر تأكله سنوه
في الزهر يرصد عطره شبح الذبول
في نجمة حسناء يرصدها الأفول
قالوا النعيم ولم أجده فهل طوى غده ومات؟
قالوا السكون:
أسطورة حمقاء جاء بها جماد
يصغي بأذنيه ويترك روحه تحت الرماد
لم يسمع الصرخات يرسلها السياج،
وقصائص الورق الممزق في الخرائب، والغبار
ومقاعد الغرف القديمة، والزجاج،
غطاه نسج العنكبوت، ومعطف فوق الجدار
قالوا الشباب
وسألت عنه فحدثوني عن سنين
تأتي فينقشع الضباب
وتحدثوا عن جنة خلف السراب
وتحدثوا عن واحة للمتعبين
وبلغتها فوجدت أحلام الغد
مصلوبة عند الرتاج الموصد
قالوا الخلود:
ووجدته ظلا تمطى في برود
فوق المدافن حيث تنكمش الحياه
ووجدته لفظا على بعض الشفاه
غنته وهي تنوح ماضيها وتنزله اللحود
غنته وهي تموت .. يا للإزدراء!
قالوا الخلود، ولم أجد إلا الفناء.
قالوا القلوب
ووجدت أبوابا تؤدي في اختناق
لمقابر دفن الشعور بها ومات غد الخيال
جدرانها اللزجات تبتلع الجمال
وتمج قبحا لا يطاق
وهربت شاحبة أتلك أذن قلوب؟
يا خيبة الأحلام. إني لن أؤوب.
قالوا العيون
ووجدت أجفانا وليس لها بصر
وعرفت أهدابا شددن إلى حجر
وخبرت أقباء ملفعة بأستار الظنون
عمياء عن غير الشرور وإن تكن تدعي عيون
وعرفت آلافا وأعينهم صفائح من زجاج
زرقاء في لون السماء، وخلف زرقتها دياج
قالوا وقالوا
ألفاظهم لاكت ترددها الرياح
في عالم أصواته الجوفاء يرصدها الفناء
المتعبون بلا ارتياح
الضائعون بلا انتهاء
قالوا وقلت وليس يبقى ما يقال
يا للخرافة! يا لسخرية الخيال!
© 2024 - موقع الشعر