مرثيه يوم تافه - نازك الملائكة

لاحت الظلمة في الأفق السحيق
وانتهى اليوم الغريب
ومضت أصداؤه نحو كهوف الذكريات
وغدا تمضي كما كانت حياتي
شفة ظمأي وكوب
عكست أعماقه لون الرحيق
وإذا ما لمسته شفتايا
تجد من لذة الذكرى بقايا
لم تجد حتى بقايا
انتهى اليوم الغريب
انتهى وانتحبت حتى الذنوب
وبكت حتى حماقاتي التي سميتها
ذكرياتي
انتهى لم يبق في كفي منه
غير ذكرى نغم يصرخ في أعماق ذاتي
راثيا كفي التي أفرغتها
من حياتي، وادكاراتي، ويوم من شبابي
ضاع في وادي السراب
في الضباب..
كان يوما من حياتي
ضائعا ألقيته دون اضطراب
فوق أشلاء شبابي
عند تل الذكريات
فوق آلاف من الساعات تاهت في الضباب
في متاهات الليالي الغابرات
كان يوما تافها. كان غريبا
أن تدق الساعة الكسلى وتحصي لحظاتي
أنه لم يك يوما من حياتي
أنه قد كان تحقيقا رهيبا
لبقايا لعنة الذكرى التي مزقتها.
هي والكأس التي حطمتها
عند قبر الأمل الميت، خلف السنوات،
خلف ذاتي
كان يوما تافها .. حتى المساء
مرت الساعات في شبه بكاء
كلها حتى المساء
عندما أيقظ سمعي صوته
صوته الحلو الذي ضيعته
عندما أحدقت الظلمة بالأفق الرهيب
وامحت حتى بقايا ألمي، حتى ذنوبي
وامحى صوت حبيبي
حملت أصداءه كفا الغروب
لمكان غاب عن أعين قلبي
غاب لم تبق سوى الذكرى وحبي
وصدى يوم غريب
كشحوبي
عبثا أضرع أن يرجع لي صوت حبيبي
© 2024 - موقع الشعر