الباحثه عن الغد - نازك الملائكة

"غدا نلتقي" نبأ في الزمان
روته الحياه
تلاشى ولم تروه شفتان
تلاشي وتاه
رجاء غد ثم ولى ومات
وعاد ضبابا
فأين "غدا نتقي" يا حياة
أعادت ترابا؟
"غدا نلتقي" ثم مات الزمان
وضاع المكان
وهل يلتقي أبدا عاشقان
على لاكيان؟
وكان لنا موعد فانطوى
صداه ومات
وكم كوكب في الدياجي هوى
وعاد رفات
وكانت لنا قصة كالبشر
نسيج السنين
فأسفر آخرها عن قدر
وذاب الرنين
وكنا نمر فترنو الحياة
وتومي إلينا
وها نحن تختصم الذكريات
على شفتينا
ويطردنا الأمس من كل ما
ملكناه يوما
سوى حاضر مغرق في الدما
ويقطر سما
ونسمع بعضا وراء المساء
من المشرق
صدى لفظتين يجوس الفضاء
"غدا نلتقي"
ويأتي غد في أسى وشرود
بصمت طويل
بألف صدى ساخر في برود
وراء النخيل
"غدا نلتقي" ويسود السكون
سكون الخريف
وأسمع تحت المساء الحنون
صراخا عنيف
وقهقهة، فظة، بارده
كجو القبور
ترددها شفة حاقده
وراء العصور
"غدا نلتقي" وتمط النغم
وتسخر مني
ويبقى غدي تائها في الظلم
يفتش عني
© 2024 - موقع الشعر