من شرفة باريزية - محمد الفيتوري

منذ سنين مررت من هنا
وقفت طويلا، تحت هذه السماء
هل تراها باريس أخرى!
لم تعد الأشياء هي الأشياء
تغير كل شيء.. لم يتغير شيء
هي التي تغيرت..
أنا الذي تغيرت..
لم يزل راسين وكورني.. فيكتور هوجو
وجورج صاند.. شارل بودلير وجان كوكتو..
بيكاسو العصبي وجوجان.. سارترو سيمون..
كل فوق مقعده الحجري
في حديقة المدينة الخالدة
التي صنعت يوما ما، تاريخ هذا العالم
تلفت حواليك.. بلى تلفت حواليك..
إن السيدة الجميلة، العريقة التي
كانت عشيقتك، ذات صباح، ذات مساء
لم تزل تحمل عبقها ونضارتها، وهي تطل عليك الآن
مسترخية، وبازخة، ووديعة
مليكة أسطورية تتألق في شرفة باريس
أنت الآن هنا..
والآخرون هناك
أنت الآن أعمق سكينة
ولكنك أشد اشتعالا..
أقل جنونا، ولكنك أكثر طمأنينة
ليت لنا، نحن الذين نمضغ ليل نهار
في بلادنا، كلمات الحرية والديموقراطية، وحقوق الإنسان
ليت لنا، بعض ما لنا هنا
في وطن الغربة، باريس!
باريس 1993
© 2024 - موقع الشعر