شُرفةٌ ومشهدان للحُب - محمود محمد الشلبي

(1)
 
شرفة
 
بين هيدلة الورق والنخلة الناحلة...
 
شرفة ماثلة.
 
شرفة تطلق البوح للنهر،
 
والنهر يقرأ بين الرصافة والكرخ،
 
ترنيمة السابلة.
 
شرفة ذابلة.
 
غازلتها الصباحات.
 
والأعين الراحلة.
 
شُرفة قبلت وجه بغداد،
 
لي دمعة الفرح المستريح،
 
وفي البال هينمة القافلة.
 
ثم إن الجآذر أفزعها البوح،
 
يا صاحبي...
 
فانثنت عاجلة.
 
تطلق العزف للنهر،
 
للهامة الباسلة.
 
 
 
(2)
 
طفولة
 
يلعبان على غُرة الفجر
 
طيران في دوحة القلب
 
حتى المساء
 
يسكبان الحديث الطفولي
 
والقهقهات على موجة في الفضاء.
 
ينسجان من الحلم أجنحة،
 
مهدها البيت،
 
أفراسها في السماء.
 
يمسكان على طائر الحبِّ،
 
يستنطقان الفصول،
 
يضيعان في العدو، والشدو،
 
حتى البكاء.
 
ها (صهيبٌ) وذاك (جوادٌ)...
 
وبينهما جدول من (لجين)...
 
وصارية من ضياء.
 
يجيدان صنع الخصومة والإلف،
 
عند اللقاء.
 
يقطفان ثمار المسرات،
 
من صحوة اليوم
 
أو غفوة النوم،
 
هذي البراءة موطنها في العيون،
 
وفي القلب،
 
في وردة من إخاء.
 
 
 
(3)
 
"مواطن"
 
سقى أرضه بالمواويل والحب،
 
أعطى لنهر الحياة دماً...
 
واستراح.
 
وفتح نافورة القلب كل صباح.
 
من الأرض يستنبت الآن احلامه بارتياح.
 
من العشق ينسج ثوب المسرات...
 
ليس للدم يا سيد الأرض ان يستباح.
 
له وطن يجتبيه من الزمن الصعب،
 
يعطيه نبضاً جديداً فيحيا..
 
وتحيا على شاطئيه الجراح.
 
لئن مات من حبه تحت قوس الرصاص،
 
فأحلامه جسدت في الرياح.
© 2024 - موقع الشعر