سورة الفقير - محمد الفيتوري

لك دمع العيون التي عانقتك بأحداقها
في صباح العذاب الجميل
يوم جئت من المستحيل
ناسجاً بيديك حريق الإرادة والمستحيل
صاعداً فضة في الشروق
سائلاً ذهبا في الأصيل
غارساً بذرة الغد، في رحم الأمس
منصهر الذات في الله..
مقتلعاً مثل عاصفة أخريات المسوخ
المقيمة في الصخر
يا وطني العربي المغلف في كتب الرمل:
قلبي أنا ليس قلبك هذا العليل
***
..وحلقت سهماً ودائرة:
-سوف ينبثق العصر من هذه الهضبات
ويجرف دنيا توشحت القحط والقهر..
لا أقرأ الغيب..
لكنما أبصر الحلم عبر عيون بلادي..
وإن أبطأت موجة الصيف..
فالأرض مشمسة خلف تلك التلال
ولابد من زهر في الحقول البعيدة
لابد من قمر في الزمان البخيل
ومن لم يكن زهراً
أو يكن قمراً
فليقف جانباً
***
إن عدلا على هذه الأرض..
ليس هو العدل.. ما بقي السوط يسنتطق الناس
فليركل الميتون مقابرهم.. ولتقم آية العدل
هم صوروا الله فوق سقوف معابدهم، كيفما حلموا
إنما الله في الناس..
لا مثلما زعم العاكفون على الرمل
-3-
دائراً في الدجى، لم يزل حلم ذاك الفقير
الذي أمسك الشمس في راحتيه قديماً
وأفلتها حجراً..
دائراً..
-4-
كان في العتمة المستريحة، في سرر الكون،
رب عجوز، يطير بزحافتين من الثلج
ثم توغل في التيه، فابتلعته العصور
وما فتئ الجند منذئذ
يرقصون عرايا الجسوم على رقعة الشطرنج..
-5-
لماذا إذن؟ ولمن كل تلك الذبائح
سادرة في مواسمها
ولماذا يجيء النبيون والشهداء، كأن لم يجيئوا؟
الزخارف تبني البيوت، وتسكن سكانها..
والطقوس مقدسة..
لست أحسد ميتاً على أنه لابس كفناً من حرير
ولكنني أسأل الميتين..
-وماذا لو امتلك السيف والعرش
غير الذي امتلك السيف والعرش
قال لها، وهو يحفر شاهده في قبور المدينة
ميلي هبوطاً إلى الهاوية
واستخفى، فيا طالما نسج العنكبوت
شباكاً على حجر الزاوية
-7-
يوم جئت تحسست الكائنات جدائلها البيض..
واغتسلت باليقين لأول مرة
وأطلت من الصحراء نجوم، لأول مرة
طرابلس 1984
© 2024 - موقع الشعر