آيات من سورة الحجر - هلال الفارع

هو الحجرُ
 
وما أدراكَ ما الحجرُ
 
شهابٌ ثاقبٌ يمضي ،
 
وفي أعقابهِ الشَّرَرُ
 
وثأرٌ أَنْضَجَتْهُ مَراجِلُ التَّفتيتِ والتَّشْتيت ِ،
 
واسْتشفَى به الضَّجرُ
 
هو الحجرُ
 
هو الغَضَبُ الفلسطينيُّ يَنْفَجِرُ
 
فلا يُبقي ... ولا يَذَرُ
 
***
 
هو القَمَرُ
 
يَصُولُ على عَبَاءاتِ الليالي ،
 
يُوقظُ الدَّربَ المُضَيَّعَ في مَتاهاتِ الأزقَّةِ وهو مُبْتَدِرُ
 
فيصْهَرُها .. وينصَهِرُ
 
ويفتحُ في جدارِ الفجرِ فَوْهَةَ أُغنياتٍٍ صَبَّها السَّمَرُ
 
هو المطرُ
 
تَرَجَّلَ من غَمامٍ يابسٍ
 
لما شَدا بالصَّخرِ من مِقلاعنا وَتَرُ
 
إلى أفُقٍ يُفَصِّلُهُ على حاجاتِنا الخَفَرُ
 
هو الحجرُ
 
تَخَلَّقَ في مَسَاحاتِ الأَكُفِّ وظلَّ ينتظرُ ...
 
إلى أن شَبَّ في أطفالِنا القَدَرُ !!
 
***
 
لقد كَبِروا
 
وطاروا فوقَ حدِّ الليلِ وانتظروا
 
ونادَوْا : أيُّها المُتَوَضِّئُونَ القائمونَ إلى صلاةِ الليلِ ،
 
لاحَ الفجرُ ... فابْتَدِروا
 
فَقُلْنا : إننا معكم .. فشُدُّوا العزمَ .. وانتظِروا
 
فَشَدُّوا العزمَ .. وانتَظَرُوا
 
ودُرْنا حولنا نَسْعَى بِعُتْمَتِنا ، ونَعْتمِرُ
 
وصلَّينا صلاةَ الليلِ .. ثم الليلِ .. ثم الليلِ ...
 
حتى مَلَّنا السَّحَرُ
 
وضاعَ على مهاوي ليلِنا البَصَرُ
 
لقد كبِروا
 
وفَرُّوا مِنْ سُجونِ الصَّمْتِ ... وانْفَجَرُوا
 
ونحنُ على جدارِ الصًّمتِ نَنْكَسِرُ
 
ونادَوْنا ... ونادونا ، فأَطْرَقْنَا
 
... ولا حِسٌّ .. ولا خَبَرُ !!!
 
***
 
هو الحجرُ
 
أَدِرْ كأسَ التُّرابِ ، فليس مثلي ظامِئٌ خَمِرُ
 
بأمْرِ الأرضِ يأتَمِرُ
 
أدرْ كأسَ الترابِ ، فِدَى التُّرابِ الشِّعرُ والشعراءُ
 
ما نَظَموا .. وما شَعَروا
 
وكلَُّ الصامتين الخانعينَ ،
 
فداهُ من كَبُروا .. ومَنْ صَغُروا
 
ومَنْ مِنْ صوتِهم ذُعِروا
 
ومَنْ في صمتِهم قُبِروا
 
ومَن طَالُوا .. ومن قَصُروا
 
.. ومن غابوا .. ومن حَضروا
 
وكلُّ المُدَّعينَ الرافضينَ لغيرِ ما أُمِروا
 
فإنْ نادى المنادي:
 
أينَ تلكَ البِيضُ والسُّمُرُ ؟
 
أطلَّ بوجهِهِم دُبُرُ
 
...وشَدُّوا العزم َ، وانْدَحَرُوا !!
 
هو الحجرُ
 
أَدِرْ كأسَ الحجارةِ
 
ليس مِثلَ الصخرِ مُقتدِرُ
 
أدرْهُ فدىً لِمَنْ بالصخر يَأْتَزِرُ
 
جيوشٌ .. في رقابِ الشَعبِ والحاناتِ تنتصرُ !!!
 
***
 
هو الحجرُ
 
له في لوحِنا المحفوظِ آياتٌ .. لَهُ صُوَرُ
 
هو الوطنُ الذي في القلبِ يَنْهَمِرُ
 
وفي الشِّريانِ يَعْتَمِرُ
 
هو الْقَدَرُ:
 
لكلِّ الناسِ أوطانٌ لهم فيها مصائِرُهُمْ
 
لهم فيها مآرِبُ جَمَّةٌ أُخَرُ
 
ولي وطنٌ ...
 
شَقِيتُ بعشقِ روعتِهِ ،
 
وأضناني له السَّفرُ
 
ولمَََّا زالَ يُخْتَصَرُ !
 
هو القدرُ:
 
لكل الناسِ أوطانٌ يدوسُ ترابَها الْبَشَرُ
 
وتَجْثُمُ فوقَها الأحجارُ والشَّجرُ ...
 
وتَصْطَبِرُ
 
ولي وطنٌ :
 
يدوسُ تُرابُهُ شفتي،
 
فألثِمُهُ، وَأَصْطَبِرُ
 
ويُدمي صَخْرُهُ كَفِّي،
 
فأُغْمِضُ فوقَهُ كَفِّي ، وَأَصْطَبِرُ
 
ويَخْطُرُ فوقَ جسمي البُرتقالُ كأنَّهُ إِبَرُ
 
فأحْضِنُهُ، وأصطبرُ
 
هو القدرُ:
 
لكلِّ الناسِ أوطانٌ ثَرَاها الطِّينُ والكَدِرُ
 
ولي وطنٌ..
 
ثَرَاهُ فُتاتُ أجسادِ النَّبِيِّينَ الأُلَى في صدرِه عَبَروا
 
ومن كانتْ مواطِنُهُ
 
ثَرًى من أَكْرَمِ الأجسادِ يَنْحَدِرُ
 
إِذَنْ... لا بُدَّ يصطبرُ !!
 
***
 
هو الحجرُ
 
وما أدراكَ ما الحجرُ
 
شِهابٌ ثاقبٌ يمضي ويَسْتَعِرُ
 
ويهوي .. ثم ينفجرُ
 
فلا يُبْقي .. ولا يَذَرُ
 
ويكتبُ فوقَ صَوْتِ القارئينَ لسورَةِ النَّصْرِ الشَّهيدةِ:
 
سوف ننتصرُ
 
... سننتصرُ
 
فكلُّ غِلالِنا في بَيْدَر الإصرارِ تَبْتَهِلُ ،
 
تُسبِّحُ باسمِ من بَذَرُوا:
 
... سننتصرُ
 
وكلُّ مآذنِ الأحجارِ تشدو، وهي تَدَّكِرُ:
 
... سننتصرُ
 
وكلُّ سَواعِدِ الأطفالِ تكتُبُ وهي تنكسرُ:
 
سننتصرُ .. سننتصرُ ... سننتصرُ .
© 2024 - موقع الشعر